جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

القطامين يكتب: الطريق إلى الشرق…. إلى العراق ..

7٬897

عالم السياحة: لا شان لهذا الكلام بالإقتصاد، هذا بحر يمخر عبابه كثير من المحللين. أرى الأشياء دائما من ثقب السياسة الكبير، أعيد ترتيب الأشياء لتتسق ومنظاري، ولتترتب كيفما هي رؤية السياسة لها.

والسياسة تحكمها المصالح دوما. مصالح الدول والأفراد على حد سواء. لا تصدق نشرات الأخبار حينما يتثاءب المذيعون وهم يقرأون النصوص التي أنهاها للتو محرر الأخبار الرسمي. ولا تثق على الدوام، بالأخبار، خصوصاً تلك التي تركز على ” العلاقات الثنائية والقضايا ذات الإهتمام المشترك”. ذاك زمن ينبغي أن تخجل منه الشاشات، وهم يدركون ان الخبر يطير في هذا الفضاء الإلكتروني بسرعة البرق بينما ما يزال المحرر يضع ديباجته المقررة.

بعيدا عن حديث الناس هنا في عمّان، عن الخيبة المتراكمة، عن اليأس من بناء ناضج، القنوط من إصلاح يمشي لوحده دون أن يرفده أحد، بعيدا عن كل هذا، سأقرأ قليلا في تكثيف اتجاه البوصلة السياسية شرقاً، نحو العراق.

جلالة الملك يزور بغداد، وقبل ذلك نستقبل الرئيس العراقي ثم يتبعه رئيس الحكومة ليوقع مزيدا من الاتفاقيات في خيمة الطريبيل.

لم ينتهي الامر هنا. لا بد من تمثيل شعبي لتغليف التوافقات. فيحزم رئيس مجلس النواب حقائبه ويركب الطريق نحو المنطقة الخضراء.

ثمة غيمة مصالح مشتركة تظلل هذا التقارب. لا يمكن إنكار ذلك، ولا يمكن بالطبع، أن يقرأ الناس أسبابا أخرى.

في منتصف المصالح، تأتي رسالة المملكة في التآخي وفي حلم الوحدة. كان العراق بوابة العرب الشرقية، وكان له فضل في إذكاء شعلة العروبة وكان له في ذلك جنود وشهداء.

يخرج المارد العراقي اليوم من قمقمه المصطنع، يسعى الناس فيه نحو عراق واحد، ونحو بناء جديد للدولة والإنسان. يرى الإقتصاديون هنا في باب العراق المفتوح، نقباً في حائط السنين العجاف. بلا شك، بقي السوق العراقي رئة الإقتصاد الأردني منذ أمد بعيد. لكن العراقيين منتفعون كذلك.

هنا في عمّان وجد الاهل والأشقاء وطنا ثانيا، ومدينة تمنح الحب والدفء، ولا تعرف نهاية لمشاعر الأخوة والعروبة. وهناك على الحدود، بقيت مدن العراق آمنة من سطوة الفصائل والتظيمات، ويدرك العراقيون جيداً كلفة الأمن الباهظة، وحجم الجهد الأمني الكبير.

قبل علاقات الاقتصاد وبعدها، سأبقى أمارس مهنة الناظر القومي. يؤلمني هذا التنافر الذي يمارسه العرب كل يوم. يؤلمني انصياعهم للمشروع الاستعماري عن طيب خاطر، يحزنني أن لا مكان اليوم لنشيد عربي موحد، لسوق عربية مشتركة، ويحزنني انكفاؤهم على تفصيلات القُطرية الضيقة وانصراف النخب إلى الإنشغال بسياسةٍ لا تعيد مجد العروبة ولا تصلح من شأنهم أيضا.

سأنظر للتقارب مع العراق من وحي تجربة تموز الخمسينات، من وحي حلم تيسير سبول بوشم دولة قوية، من منتصف القصيدة وبداية الهتاف، من أول الغناء ومبتدأ حكومة ظل محمد الماغوط: أمي العروبة وأبي النضال وأختي الوحدة، من هتاف الأمير شكيب أرسلان ومن ثوابت الجمعية القحطانية، من كل الغياب الكبير والتاريخ الكبير. ولا بأس ببعض الحب لبغداد مما أبدع الجواهري:

خذي نفسَ الصبا ” بغداد ” إني.. بعثتُ لكِ الهوى عرضاً وطولا..

يذكّرُني أريجٌ بات يُهدي..
إلىَّ لطيمُه الريحَ البليلا..

وكيف القلب تملكه القوافي..
كما يستملك الغيث المحولا..

فان منعوا لساني عن مقال..
فما منعوا ضميري ان يقولا..

وأقرأ لأحد شعرائه في اللغة الدارجة، معقولة انتفرّق واحنا فد قرآن، ونبيع الوطن للابسين لثام! لا والله نتصالح بقوة يا وطن نبنيك، ومو طاهر حليبه اللي ما يشد حزام.