جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

ما بعد أزمة فيروس كورونا؟ قطاع فنادق الخمس نجوم في عمان دراسة تحليلية 2

بقلم الدكتور: مراد البواب.

855

ما بعد أزمة فيروس كورونا؟ قطاع فنادق الخمس نجوم في عمان
دراسة تحليلية
يتعرض القطاع السياحي في العالم بشكل عام وبالأردن بشكل خاص لصدمة إقتصادية خارجية مباشرة، سببها تفشي وباء جائحة كورونا، والتي باتت أثارها لا تخفى على الكثيرين ومدى تأثر هذا القطاع الحيوي الهام بها خلال المرحلة الحالية والقادمة، ولا شك أن أغلب المنشأت السياحية بما فيها الفنادق ستواجه مرحلة حرجة في ديمومتها وإستمرارها وقدرتها على تغطية نفقاتها ما بعد إنقضاء هذه الأزمة إن شاء الله.
في عمان عاصمة الأردن الحبيبة يوجد حوالي 18 فندق ذو تصنيف الخمس نجوم، وهذه الفنادق توزعت في مناطق مختلفة وتلعب دورا حيويا في تقديم الخدمات اللوجستية السياحية بما فيها الخدمات السياحية الإعتيادية وخدمات رجال الأعمال والشركات وسياحة المؤتمرات والسياحة العلاجيه والأفراح وخدمات الطعام والشراب وغيرها من الخدمات المتنوعة، وتدار أغلب هذه الفنادق من قبل شركات إدارة وتشغيل عالمية متخصصة في مجال الإدارة والتشغيل وفقا لمعايير ومواصفات عالمية، ولديها علامات تجارية متنوعة تعتمد على طبيعة الفندق ومرافقه ومساحة الغرف وغيرها.
هذه الفنادق بمجموعها في عمان حققت إيرادات إجمالية في عام 2019 حوالي 135 مليون دينار وبمتوسط نسبة ربح تشغيلي حوالي 22%، وبالتالي فقد رفدت خزينة الدولة بحوالي 22 مليون دينار كضريبة عامه على المبيعات في نفس العام، ويعمل في هذه الفنادق كعمالة مباشرة حوالي 5,727 موظف قدرت نسبة العمالة الأردنيه منها بحوالي 95%، وبلغت نسبة الإشغال فيها في عام 2019 حوالي 59% وبمعدل تأجير للغرفة حوالي 94 دينار، وبلغت نسبة إيرادات الطعام والشراب من إجمالي إيرادات هذه الفنادق حوالي 39%، كما وبلغت نقطة التعادل لهذه الفنادق حوالي 70% – 80% في عام 2019، وأستقطبت هذه الفنادق في عام 2019 وحسب البيانات المنشورة لدى وزارة السياحة حوالي 1.9 مليون نزيل توزعت بنسبة 70% نزلاء أجانب و30% نزلاء أردنيين، وعليه فأن فنادق الخمس نجوم هذه تعتمد في تحقيق إيراداتها على السياحة الأجنبية بشكل أساسي، وبالتالي فإن هذه الارقام بمجملها تشير إلى أن فنادق الخمس نجوم في عمان تساهم بشكل كبير في مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي وفي تشغيل العمالة المباشرة وغير المباشرة إضافة إلى ما تقدمة من خدمات لوجستية متنوعة.
ما بعد هذه الجائحة لاشك أن هذه الفنادق ستواجه وبأقل تقدير ثلاث مراحل متوقعه وهي على النحو التالي:
المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي نشهدها حالياً والتي من الممكن أن تمتد لفترة لاتقل عن أربعة أشهر بدأ من شهر نيسان ولغاية نهاية شهر تموز2020، والتي ستشهد إجراءات حكومية مشددة من قبل الحكومة فيما يتعلق بالسياحة الأجنبية بكافة أشكالها وفتح حركة الطيران والمعابر الحدودية.
المرحلة الثانية: وهي المرحلة التي تقع ما بين شهر آب وشهر كانون الأول 2020، والتي من المتوقع أن تشهد تدرج في الإجراءات الحكومية والتخفيف منها.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة عام 2021 والتي من المتوقع أن تعاود الحياة إلى طبيعتها كما كانت ما قبل الأزمة وبنسبة حوالي 85% إن شاء الله.
وعليه إلى ماذا سيؤول إليه الأداء المالي والتشغيلي لفنادق الخمس نجوم خلال المرحلتين الأولى والثانية بالتحديد؟، وكيف ستواجه هذه الفنادق الإلتزامات الكبيرة التي تقع على عاتقها؟ في ظل أن هذه الفنادق تعتمد بشكل أساسي على السياحة الأجنبية بمختلف أنواعها.
من خلال دراسة تحليلية للأرقام المنشورة لأداء هذه الفنادق وفي ظل مجموعة من الإفتراضات المرافقة لكل مرحلة من المرحلتين الأولى والثانية (تقديرات الكاتب) والتي منها:
1. متوسط نسبة الإشغال خلال المرحلة الأولى لن يتجاوز 12%، وخلال المرحلة الثانية لن يتجاوز 32%، وكمتوسط عام لكافة أشهر عام 2020 بما فيها شهر كانون الثاني وشهر شباط أي قبل بدء هذه الأزمة لن يتجاوز 28%.
2. معدل تأجير الغرفة ونتيجة زيادة المنافسة ومحاولة زيادة نسب الإشغال من المتوقع أن لا يتجاوز 80% من الأسعار التأجيرية التي حققتها الفنادق خلال عام 2019.
3. الإبقاء على العمالة الحالية وعدم تسريح الموظفين والإبقاء على معدلات التوظيف كما هي.
4. صعوبة التقليل والتخفيض من أغلب النفقات التشغيلية الثابتة للفنادق والتي تشكل كلفة الرواتب منها حوالي 65%.
5. تخفيض كلفة الطاقة وبمجهود ذاتي من الفنادق إلى ما نسبته حوالي 75% من كلفة الفاتورة السنوية التي تكبدتها الفنادق في عام 2019.
في ظل هذه الإفتراضات وبعد إعادة إحتساب الأداء المالي لمجموع هذه الفنادق، من المتوقع إن تنخفض إيرادات كافة الفنادق مجتمعة إلى حدود (52) مليون دينار أي بإنخفاض نسبتة حوالي (62%) عن عام 2019، ومن المتوقع أن تحقق هذه الفنادق بمجموعها ربحا تشغيليا سالبا بإنخفاض حوالي (115%) عن عام 2019، مما يعني بالنتيجة أن هذه الفنادق ستتعرض إلى صدمة مالية تؤثر بشكل مباشر على السيولة النقدية، وبالتالي من المتوقع أن جزء من هذه الفنادق لن يتمكن من تغطية نفقاته التشغيلية المتغيرة والثابتة، مما سيدفع وفي سبيل تخفيض الكلف البحث عن أقصر الطرق والتي من أهمها كلفة الرواتب، وبالتالي العمل على تسريح مجموعة من الموظفين وبالتالي زيادة معدلات البطالة في هذا القطاع.
إذا كيف يمكن المحافظة وبالحد الأدنى على مستوى أداء مالي يساهم في تعزيز قدرة هذه الفنادق على الحفاظ على ديمومتها وتغطية نفقاتها التشغيلية، ما بعد هذه الأزمة؟، للإجابة على هذا السؤال فأن المسؤولية تقع مجتمعة على كل من الحكومة ومالكي الفنادق ومشغليها بما في ذلك:
1. ضرورة العمل على تخفيض كلفة الفنادق التشغيلية وخصوصا كلفة الطاقة والتي تشمل كلفة الكهرباء والوقود والماء وهذا يقع على عاتق الحكومة.
2. ضرورة إيجاد إجراءات ضريبية وخصوصا لضريبة المبيعات، تحفيزية ومساندة خلال المرحلتين الأولى والثانية وبالتدرج، وهذا يقع على عاتق الحكومة.
3. لكون فنادق عمان ومنها فنادق الخمس نجوم تمتاز بكونها فنادق أعمال (Business and Corporate Hotel) وليست منتجعات سياحية، فمن الأهمية بمكان السعي لإيجاد برامج سياحية مناسبة من خلال وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة وإدارج هذه الفنادق ضمن منظومتها، بهدف تعزيز السياحة الداخلية والتي من أهمها سياحة المؤتمرات وإن كان ذلك على حساب المناطق الجغرافية الأخرى.
4. العمل على الإستمرار في تطبيق التعليمات المخففة لمساهمة هذه الفنادق في إشتراكات الضمان الإجتماعي بما يسهم في تخفيض كلفة الرواتب وبالتالي المحافظة على معدلات التوظيف.
5. تفعيل دور المكاتب الموحدة لمجموعة الفنادق المملوكة لجهة واحدة وموزعة في كافة مناطق المملكة وخصوصا فيما يتعلق بالمكاتب الخلفية في هذه الفنادق.
6. الإدارة الفاعلة لمرافق الفنادق والعمل على إيجاد حلول تشغيلية لها بما يسهم في تخفيض جزء من الكلف التشغيلية المرتبطة بها، وهذا يقع على عاتق مشغلي الفنادق.
7. تجنب كافة النفقات غير الضرورية وتأجيلها للمرحلة الثالثة قد الإمكان بما فيها كلف الإستبدال والتحديث وكلف بعض الأمور التشغيلية التي تتزامن مع نسب الإشغال، وهذا يقع على عاتق المالك والمشغل.
8. تخفيف وتخفيض كلف خدمة الدين لبعض الفنادق التي قامت بالإقتراض سابقا، وهنا يقع على البنوك دور حيوي في دعم هذا القطاع من خلال من خلال تقديم التسهيلات والإلتزام بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص.
9. إلغاء بدل الخدمة أو تخفيضها وإن كان ذلك يؤثر على دخل الموظف، لمرحلة مؤقتة في سبيل ضمان تخفيض الأسعار التأجيرية وضمان ديمومة التوظيف، بالإضافة إلى وقف زيادات الموظفين في هذه المرحلة لحين عودة الأمور إلى طبيعتها.
وفي النهاية حمى الله الوطن قائدا وشعبا وحكومة وأجهزة أمنية، وأعان الجميع في تجاوز هذه المحنه.
بقلم الدكتور: مراد البواب.

https://www.tourismworld-seyaha.com/wp-admin/post.php?post=12654&action=edit