جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

معالي نضال القطامين يكتب: كأس العالم في قطر .. مرقاة سَنيّة!

525

مقالات عالم السياحة

 

فضلاً عن الموسيقى التي تعزفها أقدام اللاعبين، ثمة عِظات وافرة في كأس العالم؛ الوليمة الكونية التي تجري الآن على الأرض العربية في قطر.

في الطليعة، مثل شمس ساطعة قوية، يتجلّى الظفر العروبي المبين. غمز أحفاد ريتشارد وأرناط من قناة العروبة، كمموا أفواههم وارتدوا، في إنحدارٍ وتحدٍ وضيع، زي الحملات الصليبية الخائبة، جاعت إحدى نساؤهم فأكلت بثدييها، خُيّل لهم أننا لسنا سوى رعاة مستهلكين، سوى مشاريع إرهابيين، سوى شعوب في ذيل قائمة الأمم، غرّهم أننا سلّمنا لحانا لشذّاذ الآفاق وشركات السلاح وتجار النفط، أغوتهم الغطرسة وزيّن لهم الغرور سوء الظن ووضاعة الرجم، فجاءت دهشة الإنبهار المكتملة، إثابة لرشدهم، وردا صارما على الأوهام.

كأس العالم في قطر أكثر من بطولة كروية عالمية. إنها منصة سامقة تجرّد فيها الغرب من أردية الزيف وعباءات العمى، وباحت عقولهم عن خيبات قميئة وحقد قديم، لكنها أضحت مرقاة سَنيّة حسرت الرمال عن قيم الإسلام والعروبة العظيمة، وحوّلت الناس في الغرب إثْرها نحو فهم جديد لمنجزات حضارتنا التليدة، فيها لبس العرب لباس الحضارة والرقي وقدموا تاريخنا المشرق على أطباق زاهية مطعّمة بالكرم والجود والندى، وبينما أعاد القطريون العالم لرشده في نبذ الشذوذ وزجر معاقري الخمور في الساحات والميادين، فقد قدموا نسخة استثنائية من البطولة العالمية بشروط الأخلاق والقيم الحضارية التي قدمها الإسلام وقدمتها العروبة.

يُكتب تاريخ للعروبة جديد في قطر اليوم، تاريخ مُطيّب معطّر، أول كلماته أن المُحال ممكن، وأننا قوم تسربلوا بطهر الدين وتدثّروا بالقيم العريقة التي تحترمها كل الأديان.

يُكتب تاريخ للعالم جديد في قطر اليوم، أول سطور كتابه، أن لا ارتباط أبدا بين الجغرافيا الضيقة وبين الإنجاز، وأن بوسع أمة العرب الخالدة، أن تكون أول الأمم، وأن أولئك المختالون المتباهون بإنجاز القيم المادية، فقراء لقيم الاخلاق والدين والعقل والجسد، تلك التي لا تقيم لها المجتمعات القلقة وزنا.

قطر، العروبية الإسلامية، وقبلها تلك النهضة الهائلة التي تنشأ قواعدها في السعودية، تشكل نوافذ ومنصات تمنح هذا الجيل ثقة غابت بالنفس وبالعروبة وبأحلام دولة عروبية قوية تقارع العالم، متكئة على إطلالة فارقة على التاريخ، على بدايات الدين القويم، ثم ترفده ببابٍ واسع للفخر، للنهضة، للنهوض، وتجعله كتابا جميلا مزيّنا بمجد هذه الأمة وقيمها الرفيعة…