كتب أ.د. محمد الفرجات : دعوة لتأسيس مركز وطني أردني لمواجهة مخاطر الأفاعي وصناعة الأمصال: استجابة علمية وواقعية لتحديات التغير المناخي
كتب أ.د. محمد الفرجات
دعوة لتأسيس مركز وطني أردني لمواجهة مخاطر الأفاعي وصناعة الأمصال: استجابة علمية وواقعية لتحديات التغير المناخي
كتب أ.د. محمد الفرجات
پ٠في ظل التغيرات البيئية والمناخية المتسارعة التي يشهدها الأردن والمنطقة، بدأت أنماط انتشار الحياة البرية بالتحول بشكل مقلق، خاصة فيما يتعلق بالأفاعي والزواحف. فقد رُصد خلال الأعوام الأخيرة انتشار غير مسبوق لأنواع متعددة من الأفاعي، بعضها سام وخطير، حتى في مناطق لم تكن تشهد وجودها تاريخياً، مما تسبب في ارتفاع لافت في حالات اللدغ، لا سيما في القرى والأطراف والمناطق الزراعية.
هذه الظاهرة ليست مجرد صدفة موسمية، بل ترتبط بشكل مباشر بـظواهر التغير المناخي مثل ارتفاع درجات الحرارة، اضطراب الفصول، وتراجع الموائل الطبيعية، مما يدفع الأفاعي إلى الهروب والتمدد نحو المناطق السكنية. في المقابل، تفتقر البلاد حتى اليوم إلى مركز وطني متخصص يُعنى برصد الزواحف السامة، وتحليل سلوكها، وصناعة الأمصال الخاصة بها، وتقديم الإسعاف المتخصص للمصابين بلدغاتها.
لماذا نحتاج إلى مركز وطني متخصص؟
1. ارتفاع حالات اللدغ بشكل مقلق، لا سيما في مناطق الأغوار والبادية الجنوبية والشمالية، دون وجود مراكز إسعافية مهيأة أو أمصال محلية متوفرة.
2. انعدام إنتاج وطني للأمصال المضادة للسموم، والاعتماد على استيرادها من دول قد تختلف فيها طبيعة السم أو التركيبة البيولوجية للأفاعي.
3. ضعف التوعية المجتمعية والإعلامية حول طرق الوقاية، الإسعاف الأولي، والتمييز بين الأنواع السامة وغير السامة.
4. تزايد خطر الزواحف الدخيلة أو الزاحفة عبر الحدود، والتي قد تهدد التوازن البيئي وتحتاج إلى تحصين الموائل البيئية منها.
5. غياب البنية العلمية اللازمة لإجراء أبحاث معمّقة في مجال سموم الأفاعي وتصنيع الأمصال، والتي يمكن أن تكون رافدًا علميًا ودوائيًا على المستوى الوطني والإقليمي.
أهداف المركز المقترح:
إنشاء مختبرات بحثية وطنية لتصنيف وتحليل سموم الأفاعي المحلية والدخيلة.
تطوير وإنتاج الأمصال محليًا بالتعاون مع الجامعات والمراكز البيولوجية.
إطلاق شبكة رصد ومراقبة ميدانية لأنماط انتشار الأفاعي والتغيرات المرتبطة بالمناخ.
إنشاء وحدة طوارئ متنقلة لإغاثة حالات اللدغ في المناطق النائية.
تنفيذ حملات توعية وتثقيف جماهيري عبر الإعلام والمدارس والمراكز الصحية.
تحصين الموائل البيئية من الزواحف الغازية، وإعادة توازن التنوع الحيوي المحلي.
إن التحديات التي نواجهها اليوم لا يمكن التعامل معها بالأدوات التقليدية، بل تتطلب مقاربة علمية شاملة واستباقية. تأسيس مركز وطني لمخاطر الأفاعي ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية في ظل تصاعد مخاطر اللدغ، وتهديد التوازن البيئي، وتعاظم تأثيرات التغير المناخي. إن الأردن، بطاقاته الأكاديمية والطبية والبيئية، قادر على أن يقود نموذجًا إقليميًا في هذا المجال، متى ما توفرت الإرادة السياسية والدعم المؤسسي.