كتب ابراهيم الزريقي :بين احتكار السماء وغياب البدائل لماذا لا سياحة بدون طيران منخفض التكاليف
341
مشاركة
بين احتكار السماء وغياب البدائل لماذا لا سياحة بدون طيران منخفض التكاليف
مقالات
في عالم السياحة الحديث لم يعد الحديث عن الطيران منخفض التكاليف رفاهية ولا خيارا ثانويا يمكن الاستغناء عنه بل أصبح قاعدة ذهبية لكل دولة تطمح أن تكون وجهة سياحية حقيقية تعتمد على أرقام كبيرة من الزوار وعلى دورات اقتصادية تتحرك بسرعة وتنعش الفنادق والمطاعم والنقل والمكاتب وكل من له علاقة بالسائح من لحظة هبوطه إلى لحظة مغادرته الحقيقة البسيطة التي يتجاهلها البعض هي أن النقل هو المحرك الأول للسياحة ومن دونه لا توجد سياحة أصلا وأكبر دليل على ذلك ما شهدناه في الأردن خلال الفترة الماضية حين توقفت شركات الطيران منخفض التكاليف عن القدوم بسبب الأحداث فتوقفت معها عجلة القطاع بالكامل وكأن زر الإيقاف قد ضغط فجأة خلال تلك الفترة لم يبق في السماء الأردنية إلا الملكية الأردنية التي استغلت غياب البديل فرفعت أسعار التذاكر بشكل كبير وبات السفر إلى الأردن مكلفا وغير جذاب فانخفضت أعداد السياح بشكل ملموس وعزف الكثير حول العالم عن التفكير بالأردن كوجهة ممكنة لأن تكلفة السفر وحدها أصبحت عبئا ثقيلا وحين يرتفع ثمن التذكرة ترتفع معه خسائر الجميع السائقون المرشدون مكاتب السياحة الفنادق أصحاب محلات بيع الحرف اليدوية أصحاب المطاعم وكل من يعيش على حركة السائح توقف الطيران منخفض التكاليف فاختنق القطاع كله لأن السياحة ببساطة تبدأ من الطائرة وما لا يدركه الكثيرون أن دولا كاملة بنت اقتصادها السياحي على هذا النوع من الطيران مثل إسبانيا التي تستقبل أكثر من 80 مليون سائح سنويا نصفهم تقريبا يصلون عبر رحلات منخفضة التكاليف وإيطاليا التي أعادت إحياء مدن مثل بيرغامو وبولونيا بفضل هذا الطيران واليونان التي تحولت جزرها الصغيرة إلى حلم ملايين الزوار لأن شركات الطيران الاقتصادي ربطتها بالعالم وكذلك تركيا التي قفزت أرقام سياحتها قفزات هائلة بعدما فتحت أبوابها لهذه الشركات حتى دول شرق أوروبا التي لم يكن يفكر أحد بزيارتها أصبحت تستقبل ملايين السياح فقط لأن تكلفة الوصول إليها أصبحت بيد الناس العاديين وليس الأغنياء وحدهم الخلاصة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن الطيران منخفض التكاليف ليس مجرد خيار بل هو شريان حياة أي دولة تريد أن تعيش من السياحة لا يمكن أن نبقى دولة تسعى لزيادة الدخل السياحي بينما سماؤنا مغلقة أمام أهم محرك لهذا القطاع ولا يمكن أن نقنع العالم بزيارة الأردن إذا كانت تكلفة الوصول إليه أعلى من تكلفة الإقامة داخله وعلى الجهات المعنية أن تفهم أن السياحة لا تُدار بالخطابات ولا بالشعارات بل بالأرقام والوقائع والأدوات الحقيقية التي تجذب السائح أهمها وربما أولها رحلة ميسورة التكلفة ومنتظمة ومضمونة الأردن يمتلك كل عناصر الجذب الطبيعية والتاريخية والدينية لكنه بحاجة إلى إعادة فتح الأجواء للطيران منخفض التكاليف بلا تردد وبلا شروط مبالغ فيها لأن المستقبل لن ينتظر أحدا ولأن ملايين السياح حول العالم يبحثون عن وجهة جميلة وسهلة الوصول ومتى توفر لهم السعر المناسب سيأتون أما حين يبقى الاحتكار في السماء فسنبقى ندفع الثمن جميعا قطاعا بعد قطاع وموسما بعد موسم وهذه حقيقة يجب أن تقال بصوت عال وبلا مجاملة