جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

خبراء: التنافس وارتفاع الضريبة يتسببان بتراجع نمو “الاتصالات”

1٬230

عمان- أكد خبراء في قطاع الاتصالات يوم أمس أن القطاع اليوم في أمس الحاجة الى وقفة مراجعة ودراسة حكومية تضمن إعادته الى سكة النمو، وإبعاده عن دائرة الفشل، مع دخوله في حالة تراجع يشهدها منذ أكثر من ثلاث سنوات في نتائجه المالية (الإيرادات والأرباح)، وفي مؤشرات التوظيف، والإنفاق على المسؤولية الاجتماعية والإعلان وغيرها من القطاعات التي يرتبط بها ارتباطا غير مباشر. 

وقال الخبراء إن على الحكومة أن تعدّل نهجها في التعامل مع قضايا القطاع، ومشاكله بتطبيق فعلي لمفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومحاولة إيجاد حلول وسط للقضايا العالقة في القطاع، لا سيما تلك المتعلقة بأسعار ترددات الجيل الرابع وتجديد تراخيص الجيل الثاني، والتي تعتقد الشركات أنها أسعار “مبالغ فيها” وزادت عليهم التكاليف بشكل كبير، الى جانب المصاريف والآثار السلبية التي لحقت بها بعد زيادة أسعار الكهرباء بنسبة 150 %، مضاعفة الضريبة الخاصة على الخدمة الخلوية. 

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه الأرقام التجميعية لصافي أرباح شركات الاتصالات الرئيسية العاملة في السوق المحلية (أورانج، زين، أمنية) تراجعا في هذا المؤشر خلال العام الماضي وبنسبة بلغت 6.3 % ليسجل حوالي 138.2 مليون دينار، مقارنة بصافي ربح الشركات المسجل في العام 2013 عندما بلغ قرابة 147.5 مليون دينار.

كما أن الأرقام اظهرت إن إجمالي إيرادات الشركات الثلاث خلال العام 2014 سجل مستوى 843 مليون دينار متراجعا بنسبة بلغت 4.2 %، وذلك لدى المقارنة بإجمالي إيرادات السوق المسجلة في العام 2013 والتي بلغت وقتها قرابة 879.3 مليون دينار.

ويرى الخبراء أن أسباب هذا التراجع تتمثل في المنافسة المحلية الشرسة بين شركات الاتصالات الثلاث في خدمات الاتصالات المتنقلة والانترنت المتنقل عريض النطاق “الجيل الثالث”، الى جانب المنافسة العالمية من تطبيقات التراسل الفوري المجانية التي بدأ المستخدمون الأردنيون يستعملونها بكثافة بديلا عن خدمة الرسائل القصيرة، وخدمات المكالمات الدولية في بعض الحالات، ما أسهم في استحواذ هذه التطبيقات على جزء من الحركة الهاتفية للرسائل والمكالمات الدولية، وبالتالي حرمان شركات الاتصالات المحلية من ايرادات هذه الحركة، يضاف على ذلك كله التأثيرات السلبية لقرار مضاعفة الضريبة الخاصة على الخدمة الخلوية من 12 % الى 

24 %، والذي بدئ تطبيقه منتصف العام 2013، وأسهم أيضا في تراجع الطلب والاستخدام للمواطن الأردني من الخدمة.

كما كان لقرار رفع تعرفة الكهرباء وبنسبة بلغت 150 % في العام 2012 أثر واضح في زيادة مصاريف الشركات، وبالتالي تأثر صافي ربح هذه الشركات، يضاف إلى ذلك مصاريف إطفاء أثمان ترددات الجيل الرابع وتجديد رخصة ترددات الجيل الثاني لشركة أورانج التي بدأت تظهر في أرقام الشركات.

وأكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، مروان جمعة، أن هذا القطاع بخدماته وشبكاته “لم يعد من الكماليات”، بل أصبح يشكل دعامة لكل القطاعات الاقتصادية، وبالتبعية لا بد من الوقوف على آثار التراجع في إيراداته وأرباحه خلال آخر أربع سنوات، وإيجاد حلول سريعة لإعادته إلى سكة النمو، وبمعادلة يستفيد منها الجميع: خزينة الدولة، شركات القطاع، والمستفيدون. 

وقال إن حالة التراجع التي يشهدها القطاع في الإيرادات والأرباح ستؤثر أيضا على دخل الحكومة من “الاتصالات”: من الضرائب والرسوم المختلفة التي تتقاضاها الحكومة من خدمات وشركات القطاع، وبالتالي فإن إعادة هذا القطاع إلى سكة نموه أو إيجاد حلول لضمان هذا النمو هو ضمانة لاستمرار وزيادة إيرادات الحكومة من القطاع، كما أنه ضمانة لمزيد من التوظيف والتحريك لقطاعات اقتصادية ترتبط به بشكل غير مباشر، في إشارة من جمعة إلى أن على الحكومة أن تعدّل نظرتها إلى القطاع من نظرة قصيرة المدى إلى نظرة طويلة المدى.

ودعا جمعة الى تطبيق مفهوم الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع بالتشاور وايجاد الحلول الوسط لكل القضايا والمشاكل العالقة والتي تراكمت اثارها منذ اكثر من 6 سنوات. 

من جانبه، قال مؤسس ومدير عام مجموعة “المرشدون العرب” – المتخصصة في دراسات اسواق الاتصالات العربية – جواد جلال عباسي إنّ الحكومة خلال السنوات الاربع الماضية ركزّت على الضيق والعجز المتفاقم الذي تعانيه موازنة الحكومة، لتفرض ضرائب ورسوما اضافية على قطاع الاتصالات دون التفات او دراسة للحالة التي كان يمرّ بها القطاع والتي ما تزال مستمرة. 

وقال عباسي انّ “الحكومة تعاملت مع القطاع وكأن ارباحه مضمونة، وأن حالة النمو التي كان يتصف بها بدايات ومنتصف العقد الماضي ستبقى مستمرة، ولم تنتبه الى ان القطاع منذ اكثر من خمس سنوات بدأ يشهد تغييرات جذرية وتراجعا في الايرادات وصافي الربح نتيجة للمنافسة المحلية الشرسة، والمنافسة العالمية من تطبيقات التراسل، وحاجة الشركات الى ضخ المزيد من الاستثمارات للتحول الى التقنيات والاجيال المتقدمة من خدمات الانترنت عريضة النطاق لا سيما الجيل الرابع”. 

وأضاف: “ان قطاع الاتصالات ونتيجة لهذه الضغوط شهد خلال السنوات الاخيرة تراجعا في التوظيف المباشر، والانفاق الاعلاني، وغيرها، وهي مؤشرات لا يقتصر تأثيرها السلبي على قطاع الاتصالات وحده، ولكن تأثيراتها السلبية غير المباشرة تمتد لقطاعات اقتصادية اخرى”. 

ودعا عباسي الحكومة الى الوقوف وقفة مراجعة لحالة القطاع والتحاور مع المشغلين لإيجاد حلول تنقذ القطاع من حالة التراجع المستمر التي يعانيها اليوم، لافتا الى أن تراخيص ترددات الجيل الرابع، ورسوم تجديد تراخيص الجيل الثاني كانت مرتفعة ومبالغا فيها، ويجب إيجاد حلول لتقليل الضرر السنوي (المصاريف الكبيرة السنوية الإضافية) التي نتجت عن دفع هذه الرسوم في سوق تعد من الأكثر تنافسية في المنطقة العربية، وخصوصا أن الشركات بحاجة للاستثمار في الجيل الرابع بحكم تطور التكنولوجيا، كما أن بعضها سيكون أمام استحقاق تجديد رخصتها للجيل الثاني للسنوات المقبلة مثل شركة أمنية. 

وكانت دراسة لمجموعة “المرشدون العرب” أظهرت العام الحالي أن أسعار الطيف الترددي لخدمات الهاتف المتنقل في الأردن كانت الأعلى تكلفة من حيث الرسوم السنوية للاستحواذ على الطيف الترددي في النطاقات التي حللتها الدراسة وهي: 800 و900 و1800 و2100 و2600 ميغاهيرتز، حيث رصدت الدراسة أسعار الترددات في: الجزائر والبحرين وفرنسا والهند والأردن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة. 

بيد أن الحكومة في تحديدها أسعار ترددات الجيل الرابع، وفي تقديرها لرسوم تجديد تراخيص الجيل الثاني أكدت في أكثر من مناسبة العام الماضي أن أثمان الترددات “معقولة ومنطقية”، وبنيت على دراسات مستفيضة احتوت على معايير عالمية، كما أكدت الحكومة أكثر من مرة أن الترددات هي “ثروة وطنية ومورد نادر” يجب تسعيره بالشكل الامثل، وأن على المشغلين استغلال هذا المورد بالشكل الامثل والابتكار بالشكل الذي يمكنها من خلق مصادر ايرادات جديدة لا سيما أن الطلب بدأ يتركز بشكل اكبر نحو خدمات البيانات والانترنت عريض النطاق أكثر من خدمات الصوت. 

إلى ذلك، قال نائب الرئيس في شركة “اورانج” رسلان ديرانية إن سياسة الحكومة وتعاملها مع القطاع في أكثر من محور خلال السنوات الأربع الماضية طغت عليها “عقلية الجباية”، وعدم الاكتراث بحالة التراجع التي يشهدها القطاع، وعدم السعي لإيجاد حلول للمشاكل والآثار السلبية التي أحدثتها قرارات حكومية أثرت سلبا على إيرادات وأرباح القطاع. 

وقال ديرانية إن القطاع الذي يعيش حالة تحول على المستويات التجارية والتقنية يشهد حالة كبيرة من التراجع ستبقى مستمرة إذا ما استطاعت الحكومة أن تجد حلولا وبدائل لمجموعة من القضايا العالقة، وعلاجات سريعة للآثار السلبية التي ترتبت على قرارات: رفع رسوم الكهرباء، ومضاعفة الضريبة الخاصة، وفرض رسوم ترددات مرتفعة للجيل الرابع، وتحديد أسعار مرتفعة لتجديد تراخيص ترددات الجيل الثاني. 

وقال إن هذه القرارات في مجملها كبدت شركة “أورانج” مصاريف إضافية تجاوزت الـ30 مليون دينار، وإن هذا الرقم سيرتفع السنوات المقبلة إلى اكثر من 35 مليون دينار لدى اضافة مصاريف اطفاء رسوم ترددات الجيل الرابع التي حازتها الشركة العام الحالي، ودفعت ثمنا لحزمة منها 71 مليون دينار. 

وضرب مثلا كيف اثرت هذه القرارات على النتائج المالية لـ”أورانج”، إذ سجلت الشركة صافي ربح بلغ العام الماضي 42 مليون دينار منخفضا بنسبة 18.4 %، وذلك بالمقارنة بصافي ربحها المسجل في العام 2013 والذي بلغ وقتها 51.7 مليون دينار، كما صافي ربح العام الماضي انخفض بنسبة تصل إلى

53 % لدى المقارنة بصافي ربح الشركة المسجل في العام 2011 الذي بلغ وقتها 89.7 مليون دينار. 

واقترح ديرانية ضرورة إيجاد علاجات سريعة لوقف حالة التدهور في قطاع الاتصالات، لافتا الى نتائج الربع الاول ستظهر ايضا مزيدا من التراجع في ايرادات وارباح القطاع، كما ان الارقام المتعلقة في مؤشر التوظيف في القطاع عن العام الماضي والتي ستعلن خلال الاسابيع المقبلة – كما جرت العادة – ستظهر ايضا تراجعا في اعداد الوظائف المباشرة في القطاع الذي ظل رافدا رئيسيا للتوظيف في المملكة. 

وقال إن على الحكومة ان تعيد النظر في نسب المشاركة بالعوائد ورسوم الترددات السنوية، وفي تكاليف منح التراخيص الجديدة (الجيل الرابع) ورسوم تجديد تراخيض ترددات (الجيل الثاني) وان تجد حلولا وسطا بالتعاون مع المشغلين لمنحهم الترددات التي تلزمهم لمواكبة التكنولوجيا، ومجاراة المنافسة الشديدة في السوق وبالشكل الذي يوازن بين مصالح الجميع: الخزينة، والقطاع، والمستخدمين. 

وأكد أنه يجب العمل اليوم بشراكة حقيقية بين الطرفين: الحكومة والقطاع لإيقاف او التخفيف من الآثار السلبية للقرارات الحكومية “المجحفة” التي اتخذت خلال الفترة الماضية.