جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

كتب الدكتور خالد الرشيد : سياحة الأردن وفرصة المنافسة

2٬294

يقول الإمام الشافعي رحمه الله “إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة سُكُوْنُ”.. إن إغتنام الفرص من ذكاء الإداري فهذه الفرص قد لا تتكرر ومن المهم جدا إستغلالها الإستغلال المثالي لحقيق أكبر المكاسب الممكنة في شتى المجالات.

والقارئ لأحداث “الربيع العربي” وتداعياته وما تشهده العديد من الوجهات السياحية العربية من مشكلات واضطرابات أمنية, يتساءل عن غياب الدول السياحية العربية الأخرى كالأردن والمغرب وعدم إستطاعتها شغل هذا الفراغ السياحي وإستغلال هذه الفرصة الذهبية في دعم إقتصادياتها, من خلال الحضور المناسب وخلق بيئة سياحية عربية بديلة لهذه الوجهات المعطلة.

ولو أخذنا الأردن كنموذج.. الأردن يعيش إستقرارا سياسيا وأمنيا ويمتلك مقومات سياحية متنوعة وموقع إسترتيجي في قلب الوطن العربي, ولديه نجاحات وخبرة سابقة وريادة في مجالات السياحة العلاجية والتعليمية واستطاع من خلال هذه النجاحات كسب ثقة الكثير من الشعوب العربية التي أصبح الأردن قبلة لها بعد أن وجدت المهارة والجودة العالية في هذه الخدمات، وجميع ما ذكر يؤهل الأردن لأن يكون الخيار الأول والبديل لهذه الوجهات, خصوصا وان الأردن يمتلك جميع يتمناه السائح من متطلبات وأهداف سياحية، ولكن السياحة الأردنية خيبت التوقعات ولم تستطع المحافظة على هذه الريادة وهذه التميز ولم تدعم وتطور هذه المنتجات وهذه الخدمات, فالنجاح الذي تحقق في السياحة العلاجية والتعليمية محفز للتوسع بها وضخ المزيد من الاستثمارات لجلب أحدث التقنية والمعرفة, لتحقيق المزيد من التميز والتفرد, ولم تستطع سياحة الأردن أن يكون الوجهة البديلة لهذه الوجهات العربية المعطلة ويحتضن السياح العرب يدعمها في ذلك قرب المسافة وقرب الثقافة والعادات العربية والطباع.

نعلم جميعا بأن القطاع السياحي الأردني قطاع واعد يمتلك من المقومات السياحية الجاذبة والتي تؤهله لتحقيق عائدات مالية عالية, ويستطيع القطاع أن يساهم في تحقيق طفرة وتنمية مجتمعية كبيرة وإستقطاب رؤوس الأموال والإستثمارات الأجنبية, ويستطيع المساهمة بشكل حقيقي في دعم الاقتصاد القومي وتحقيق عائدات تتجاوز كثيرا الـ 4,4 مليار دولار التي حققها القطاع في 2014 , ولكن القطاع لا يزال بعيدا عن ما يتوقع منه من إسهامات وفي دعمه للتنمية وخلق فرص عمل للشعب تتناسب مع حجم القطاع وأهميته, فالعاملون في القطاع السياحي الأردني لايتجاوز عددهم 53,796 وهو ما يقارب 0,006 من نسبة الشعب الأردني الذي يقارب الـ 8 مليون وهذه نسبة ضئيلة جدا إذا ما علمنا بأن المعدل العالمي لفرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي يتيحها القطاع السياحي هي 1 من كل 12 فرصة عمل وهو ما يقدر بـ 8% ، لذا فإنه من المفترض أن يخلق القطاع قرابة ال 640 ألف فرصة عمل  للشعب الأردني.

نتفق جميعاً.. بأن سياحة الأردن سياحة ثرية بما تمتلكه ثقافة وحضارة ومن طبيعة جغرافية وطقس جميل وما تحتوية من أنماط سياحية مختلفة, ونعتقد بأن مشكلة القطاع هي مشكلة إدارية يأتي في مقدمة ذلك:

ـ عدم الاستقرار الإداري لقيادات القطاع والتغيير المستمر في قياداته ووزرائه.

ـ ضعف تفاعل ومشاركة القطاع الخاص والذي يتمثل في شركات السياحة والسفر لخلق شراكات سياحية مع شركات السفر الأخرى في الدول العربية والخليجية لمواجهة التنافسية العالمية, من خلال تنظيم برامج وعروض ترويجية جاذبة تساهم في إستقطاب وجلب المزيد من السياح.

ـ إرتفاع أسعار الغرف الفندقية بسبب ضريبة المدينة العالية والتي تفرض على السائح وتصل الى 16% التي تزيد من أسعار الغرف الفندقية  مقارنة بأسعار الوجهات السياحية الأخرى وتقلل من فرص المنافسة

.ـ  محدودية عدد الغرف الفندقية في الأردن وعدم توفر العدد الكافي من الغرف الفندقية خصوصا في مواسم الاجازات والعطلات ومن المهم تقديم إمتيازات وتسهيلات لعموم المستثمرين في هذا القطاع الحيوي والهام.ـ انخفاض مستوى جودة الخدمات السياحية في الفنادق وفي مقدمتها فنادق الـ 5 نجوم والذي يتطلب مراقبة من الوزارة لإشتراطات ومعايير جودة الخدمات.

إن الفرصة لا تزال سانحة إذا ما أرادت الأردن الحصول على موقعا لها في الخارطة السياحية ومواجهة التحديات والتنافسية العالمية والاستفادة من هذه القطاع الحيوي الهام في تحقيق عائدات سياحية تساهم بشكل فاعل في دعم الاقتصاد الوطني للاسهام في بناء وتنمية الدولة والمجتمع وذلك من خلال:

ـ دعم الدولة لوزارة السياحة وهيئة التنشيط.

ـ  وضع إستراتيجية تعتمد بشكل أكبر على الديناميكية والواقعية وشراكة مع القطاع الخاص.

ـ  مراجعة قوانين الاستثمار في القطاع السياحي وتسهيل إجراءات الاستثمار ودعم المستثمرين.ـ  إشراك شركات السياحة والسفر وكذلك الخطوط الملكية وإدارة مطار الملكة “علياء” في خطة الترويج السياحي.ـ  تفعيل وتنشيط قطاع الفعاليات والمعارض والمؤتمرات.ـ  رفع مستوى جودة الخدمات السياحية لتحقيق أعلى معايير جودة المنتج السياحي والخدمات السياحية لمواجهة المنافسة الاقليمية والعالمية, التي تعمل بشكل محترف وبتركيز عالي وتضخ المليارات في بناء بنية سياحية متطورة.ختاما نكرر ما بدأناه في المقدمة بمقولة الإمام الشافعي رحمه الله “إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها.. فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة سُكُوْنُ”، وكما هو معلوم للكل بأن مصائب قوم عن قوم فوائد, فالحياة بها العديد من الفرص البعض منها لا يتكرر ومن لا يستغل هذه الفرص عليه تحمل تبعاتها.