جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

قصة تقشف شركات الطيران بدأت من حبة الزيتون

3٬425

عالم السياحة – WTTEN- محاولة شركات الطيران العالمية تقليص نفقاتها الاقتصادية، بدأت منذ أكثر من 20 عاما، عندما قررت الخطوط الأميركية «أميريكان إيرلانز» خوض معركة المنافسة مع مثيلاتها، فقررت تقليل عدد حبات الزيتون في أطباق السلطة التي تقدم على متن رحلاتها بواقع حبة في كل طبق، فاقتصدت الشركة مبلغا كبيرا من المال، وليس هذا فقط، إنما سجلت واقعة هي الأولى من نوعها في عالم الطيران.

* تقشف إلى أبعد الحدود إذا كنت سمعت بطيران «راينير» الاقتصادي في بريطانيا فلن تفاجأ بأساليب التوفير والاقتصاد الذي يتبعها صاحبها رجل الأعمال الآيرلندي مايكل أوليري، مثل فرض مبلغ مادي لقاء استعمال المراحيض على متن الطائرة، وفرض تعليمات على طياريها لتخفيض سرعتهم للتخفيف من استعمال الفيول، في حين أن شركة طيران هندية وصلت بها المسألة إلى أبعد من ذلك في سبيل التوفير، فقررت توظيف سيدات فقط على متن رحلاتها لأن أوزانهن أقل، وبالتالي هذا يساعد على توفير الوقود أيضا.

وقررت بعض شركات الطيران إلغاء البرامج الترفيهية خلال الرحلات واستبدالها بلوائح إلكترونية مثل «الآي باد»، توزع على الركاب في مستهل الرحلة، وبهذا الشيء تستطيع الخطوط الجوية توفير مبالغ طائلة من ناحية الوزن ومن ناحية شراء حقوق عرض الأفلام والمسلسلات.

وبدأت شركات طيران أميركية كثيرة بفرض قيمة 10 في المائة من قيمة تذكرة الأم أو الأب لقاء سفر أطفالهم الرضع الذين لا يحتاجون إلى مقاعد.

كما بدأت «الخطوط البريطانية» و«شركة طيران الشرق الأوسط» فرض مبلغ إضافي لمرافقة الأطفال القاصرين الذين يسافرون من دون أهلهم، علما أن هذه الخدمة كانت مجانية للأطفال الذين تزيد أعمارهم على 5 سنوات.

ووفرت شركة «نورث ويست» الأميركية مليوني دولار أميركي سنويا بعدما ألغت تقديم كيس المقرمشات الصغير لمسافريها الذين يصل عددهم إلى 40 مليون مسافر سنويا.

والمعروف عن مقصورات الطائرة أنها تكون باردة في بعض الأحيان، وهذا يفسر سبب توفر أغطية صوفية، ولكن اليوم وللأسف هناك الكثير من شركات الطيران التي تفرض مبلغا إضافيا مقابل استعمال الغطاء، وذهبت شركات الطيران إلى أبعد من ذلك لتعزيز مواردها المادية فقامت بتصغير مساحات المراحيض على متن الطائرات لتستفيد من المساحة من خلال وضع مقاعد إضافية بغض النظر عن راحة المسافر.

* الشركات الكبرى تتفنن الناقلات الاقتصادية بأساليب التقشف، ولكن الأمر يطال الشركات الكبرى، التي تحافظ على مستواها على صعيد الخدمة ونوعية الأكل ولكنها في الوقت عينه توفر في مسائل أخرى، مثل التوقف عن توزيع حاجيات السفر الأولية مثل كريمات الترطيب والعطر وفرشاة الأسنان الخاصة بالسفر. إلا أن الشركات الكبرى لا تستطيع تقليص مستوى جودة الخدمة ونوعية الأكل، وهذا يسبب خسارتها المادية في بعض الأحيان لأن مصروفها أكبر.

وقد يكون السبب هو المنافسة الشرسة بين شركات الطيران التي تجد نفسها تنافس رسوم ضرائب المطار التي تتعدى في بعض الأحيان قيمة التذكرة الحقيقية.

* المقاعد والأسعار هناك لغط كبير عندما يقوم المسافر بحجز مقعده على متن الطائرة، ففي الكثير من الأحيان تختلف الأسعار بين مقعد وآخر في الدرجة الاقتصادية، وهذا يعود إلى رقم المقعد وموقعه، فمما لا شك فيه أن الخدمة في مقصورة الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال أفضل، الطعام أفضل، أفلام وموسيقى ومسلسلات تحت الطلب ومقاعد تتحول إلى أسرة مريحة، ولكن كل شيء بسعره، فسعر التذكرة يكون باهظا، وهذا النوع من الرحلات نجده اليوم في رحلات المسافات الطويلة وليس في الرحلات الأوروبية، إذ ألغت الكثير من شركات الطيران الدرجتين الأولى ودرجة رجال الأعمال على الرحلات التي لا تتعدى الساعتين، وهذا بسبب تقليص مخصصات سفر رجال الأعمال في بعض الشركات.

وهناك شركات طيران في أستراليا وأوروبا ترفع أسعار بعض مقاعدها في الدرجة الاقتصادية بحسب موقعها فتكون المقاعد عند مخارج الطوارئ والمقاعد في مقدمة الطائرة أغلى ثمنا لأنها تؤمن مساحة أكبر للقدمين.

* كيف تختار المقعد المناسب؟

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» مع الطيار اللبناني نزار دبس الذي يعمل لصالح «الخطوط الكورية»، شرح لنا لعبة توزيع المقاعد من حيث الراحة والسلامة، وبدأ حديثه بالحادثة التي حصلت في أميركا أخيرا وكان سببها خطأ بشريا، وباعتقاده فإن 92 في المائة من حوادث الطيران هي بسبب خطأ بشري، فتلك الحادثة الأخيرة يتحملها الطيار بعدما أخطأ موقع المدرج بواقع مائة وخمسين مترا، وبحسب الصور التي نشرت للطائرة فبدت مقدمتها مهشمة بشكل فظيع، وبسؤالنا عما إذا كانت المقاعد الأمامية أكثر خطورة من تلك في مؤخرة الطائرة، أجاب كابتن دبس بأن المقاعد الأمامية في الطائرة تكون أكثر عرضة للتأذي في حال وقوع أي حادث لا قدر الله، وتكون المقاعد الواقعة ما بعد الجناحين هي الأكثر أمانا لأن هذه المنطقة هي الأكثر صلابة في هيكل الطائرة، ولكن من الأفضل أن يكون المقعد بعيدا عن خزان الوقود الذي يقع في وسط الطائرة ويعرف باسم «سنتر تانك» وبالنسبة للمقاعد الأكثر راحة، فتكون المقاعد الواقعة عند أبواب مخارج الطوارئ، مريحة جدا، ولكن هناك قانون يحدد الركاب الذين يسمح لهم الجلوس فيها، ويقول دبس، إنه يتعين أن يكون عمر المسافر 18 عاما وما فوق، على أن يتقن لغة الخطوط الجوية التي يسافر معها، ففي حال حدوث أي طارئ تكون مهمة الركاب في هذه المقاعد مساعدة الركاب الآخرين.

وعلق دبس على قرار إحدى الخطوط الهندية توظيف سيدات لتقليص وزن الطائرة، بالقول: «هذا النوع من التقشف يحصل مع شركات الطيران الاقتصادية وليس مع شركات طيران عالمية كبرى»، وتابع بأن «مسألة الوزن مهمة، ليس فقط لتقليص كمية الوقود إنما لمعرفة زنة الطائرة وما تتحمله بالتحديد، ففي حسابات الطيار يتم أخذ وزن الركاب الرجال في الاعتبار ويقدر وزن كل منهم بـ95 كيلوغراما كأقصى حد، ويحسب وزن السيدات بمعدل أقصاه 80 كلغم للسيدة الواحدة، يزاد إليها وزن الحقائب والمتعلقات الشخصية ووزن الطائرة الإجمالي، فهذه المسألة مهمة لسلامة الطائرة، كما أن طرز الطائرات تختلف، فهناك بعض الطائرات المصممة لتكون مؤهلة للهبوط في أجواء مناخية عاصفة ولكن هناك طائرات لا تتحمل أجنحتها سرعة الرياح، فخبرة الطيار مهمة جدا، والمشكلة في شركات الطيران الاقتصادي أنها توظف طيارين لم يحصلوا على ساعات عمل كافية من الطيران».

ولكن شدد دبس على أن الطيران الحديث آمن، وتصميم الطائرات الحديثة يشدد جدا على أمن وسلامة الركاب ولا حاجة للقلق على الإطلاق.

وبحسب موقع «بلاين كراش إنفو» الخاص بسلامة الطيران، تبين أن احتمال موت الراكب في رحلة على متن الطائرة هو بنسبة واحد على 4 ملايين و700 ألف، وقد يساعد على سلامة الراكب أيضا جلوسه في مقعده في جميع الأوقات مع ربط الابزيم بمحاذاة الشباك في الصفوف الخلفية الواقعة بعد الأجنحة.

ومن ناحية الراحة، وإذا كنت مسافرا في الدرجة الأولى أو في درجة رجال الأعمال، ينصح بالابتعاد عن الجلوس في المقاعد الخلفية والأمامية القريبة من المطبخ والمراحيض، وينصح أيضا بعدم خلع الأحذية عند الإقلاع والهبوط كما يستحسن عدم اختيار ملابس مصنوعة من النايلون ومواد قابلة للاشتعال.

* مقاعد آمنة وعلى الرغم من الدراسات شبه المؤكدة بأن المقاعد الخلفية في الطائرة آمنة أكثر فإن شركة «بوينغ» لتصنيع الطائرات، تعتبر أن جميع مقاعد الطائرة آمنة بغض النظر عن موقعها، شرط أن يضع الراكب حزام الأمان في جميع الأوقات.

وبحسب موقع «ديسكافيري» الإلكتروني فإن المقاعد الأكثر خطورة هي المقاعد من رقم واحد إلى سبعة، كما أن مقاعد مخرج الطوارئ قد تكون مفيدة ولكنها تعقد الأمور في حال اندلاع النار، أما بالنسبة للركاب الذين يعانون من مشكلة الانحصار في الأماكن المغلقة ينصحون بالجلوس في مقاعد «ألآيل» القريبة من الممر ولكن يجب أن يكونوا من الركاب الذين يتصرفون بهدوء في حالات الطوارئ وإلا فسيحصر الراكب الجالس بقرب النافذة.