جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

الإرهاب يستهدف السياحة في تونس ؟

بقلم الصحفي:باسل ترجمان

2٬907

عالم السياحة

زاد التحذير الذي أصدرته السفارة الأميركية في تونس ليل الأحد (30-6-2019) وإعلانها إغلاق أبوابها لأسباب أمنية اليوم الثنين، حالة القلق والتخوف من تكرار مآسٍ تسببت بها الجماعات الإرهابية عندما استهدفت قبل أربع سنوات، أحد الفنادق السياحية في مدينة سوسه الساحلية.

 قتل خلال التفجير حينها، عشرات السياح الأجانب، ما سبب ضربة قاسية للسياحة التونسية، وتأتي هاتين العمليتين الانتحاريتين يوم الخميس الماضي اللتين نفّذهما عنصران من كتيبة جند الخلافة المبايعة لجماعة داعش، لتعيد الأمور إلى حالة عدم استقرار.

العمليتان الإرهابيتان اللتان فاجأتا الشارع التونسي، بخاصة مع ارتفاع حالة استعادة الثقة بالنفس والإحساس بنجاح الدولة في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، كل ذلك كان له رد فعل عكسي خلق حالة قلق وتوتر من تكرار جرائم إرهابية تركت الكثير من الذكريات المؤلمة في نفوس التونسيين.

الجماعات الإرهابية ومفهوم الثأر

يصف العميد علي الزرمديني الخبير الأمني في حديث إلى “إندبندنت عربية” العمليات الإرهابية الأخيرة بأنها “جزء من استهداف مستمر لتونس، باعتبارها من أوائل الدول التي واجهت الإرهاب بكل مفاهيمه، ومع رمزية أن الإرهاب له مفهوم الثأر، فإن هذا المعطى ومعطيات أخرى تندرج في إطار الواقع الإقليمي ومخطط التوسع التي تقوم عليها العقيدة الإرهابية، وتجعل تونس عرضة لتهديدات متواصلة”.

ويوضح الزرمديني أن الأجهزة الأمنية التونسية، نجحت في تفكيك هيكلة الجماعات الإرهابية وقضت على غالبية قياداتها الخطرة ما جعل البلد، هدفاً ومطلباً لكثير من القيادات الإرهابية من أمثال أبو بكر البغدادي وأيمن الظواهري اللذين في فيديوهات عدة دعَوَا كلٌ من جهته إلى تحفيز القواعد للقيام بأي عمل يربك الأوضاع ويخلق الفوضى في تونس.

مخاطر الأوضاع في ليبيا

ويحذّر الزرمديني من أن أخطر الأشياء التي تهدد الأمن حالياً مرتبطة ببعض المتغيرات الإقليمية، بخاصة ما تشهده مناطق الغرب الليبي المحاذية للحدود مع تونس والتي تشهد عودة مئات الإرهابيين من سوريا والعراق عبر تركيا وما يحمله هؤلاء من تجارب وخبرات، ويسعون بكل الوسائل إلى أن يكونوا عنصر إسناد وتوجيه ودعم لبقايا الجماعات الإرهابية في تونس، ونقل جانب من المشاكل الأمنية التي تعيشها ليبيا إلى تونس.

اعتقال العشرات من المشتبه فيهم

إثر العمليتين الإرهابيتين، نفّذت قوات الأمن حملة اعتقالات كبيرة طاولت العشرات من المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إرهابية أو عائدين من بؤر التوتر، بناء على معلومات بعد إيقاف أحد العناصر من الذين أسهموا في الإعداد والتخطيط للتفجيرات الأخيرة في العاصمة، وفتحت هذه الاعتقالات الباب مجدداً لحوار حول قانون الإرهاب في تونس والذي لا يتم تطبيقه.

يقول المحامي والناشط الحقوقي رمزي الجبابلي لـ “إندبندنت عربية” إن منفذ الهجوم على مقر الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب سبق وأوقف بتهمة الإرهاب وأطلق سراحه، وهو معروف لدى الأجهزة الأمنية، ما يؤكد أن هناك تراخياً في التعامل مع الخطر الإرهابي في تونس.

ويلاحظ الجبابلي ضرورة تطبيق قانون الإرهاب الذي يواجه عقبتين أساسيتين الأولى تتمثل في التجاذبات السياسية، وأن هناك أطرافاً سياسية تسعى إلى

ضمّ قواعد السلفية الجهادية كقواعد انتخابية لها، والثانية نقص الإمكانات لدى الأجهزة الأمنية لمكافحة هذه الظاهرة بخاصة ملفات من تمّ تسفيرهم نحو بؤر التوتر ومن عاد منهم والتي لا تسمح محدوديتها بمراقبتهم بشكل مهني كامل.

وينبه الجبابلي إلى أن الحل لا بد أن يتبلور من خلال إجماع وطني في مواجهة الإرهاب ولا يمكن الدفاع أو تبرير أي جريمة إرهابية وضرورة إعطاء ضوء أخضر كامل لقوات الأمن للعمل بحرية ورفع القيود السياسية المفروضة عليها في مواجهة الإرهاب.

تأثيرات اقتصادية محدودة

بعد سنوات من تراجع السياحة في تونس جراء فقدان الثقة في أمنها بعد عملية سوسة الإرهابية صيف 2015 توقع كثير من المحللين الاقتصاديين أن تشكل هذه السنة عودة حقيقية وقوة دافعة لهذا القطاع الإستراتيجي، وبعد التهديدات الإرهابية عادت المخاطر لتطل مرة أخرى حول نتائج هذه الهجمات على القطاع السياحي.

يشير الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ “إندنبندنت عربية” إلى أن السياحة تسهم بصفة مباشرة بنسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الخام لتونس، وفي دعم قطاعات كبرى مثل النقل والصناعات الغذائية والتجارة والصناعات التقليدية، وتشغل ما يزيد على مليون عامل بشكل مباشر وغير مباشر في القطاع السياحي والقطاعات المرتبطة بها.

ويضيف الجودي أن القطاع السياحي مهم وإستراتيجي لتونس وهو مورد رئيس للعملات الأجنبية متوقعاً أن تصل مداخيل هذا الموسم إلى حدود 4 مليارات يورو إذا تحققت الأهداف المرجوة.

ويوضح أن السياحة مرتبطة أساساً بالأمن والاستقرار وهما عاملان أساسيان، وما جرى مؤخراً سيكون له تأثير في السياحة بشكل مباشر بخاصة أن تونس اعتمدت في عمليات التسويق هذه السنة على عودة الأمان.