جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

جهود الدار العراقية للأزياء لاظهار القيم الجمالية والفنية في تراث بلاد الرافدين وحضارتها

438

اندبندنت-عالم السياحة:

تسعى الدار العراقية للأزياء إلى إظهار القيم الجمالية والفنية في تراث بلاد الرافدين وحضارتها ونشرها إلى أنحاء العالم، وطوال رحلتها وثقت الدار تاريخ العراق بأسلوب فني مبتكر، إذ تستوحي تصميماتها من حضارات وادي الرافدين فق التسلسل الزمني لها.

الدار وثقت لأزياء الحضارة السومرية (3500 ق.م) والأكدية (2350 ق.م) والحضارة الآشورية (650 ق.م) والحضر (200 ق.م) وصولاً إلى الأزياء الفولكلورية التي تمثل التراث الشعبي العراقي، وعلى امتداد زمني يسرد حضارة تمتد إلى ستة آلاف سنة. تعرضت الدار للسلب والنهب عام 2003 واضطرت مديرته ومؤسسته إلى التقاعد والهجرة من العراق، وأعيد إعمارها لاحقاً بعد تغيير اسمها إلى “الدار العراقية للأزياء” وتعد من الدلائل المعمارية المميزة لمنطقة زيونة في بغداد.

وبعد أن نهبت الدار في 2003 وفقدت معظم الفساتين والأكسسوارات الثمينة، إضافة إلى مكملات فلكلورية مهمة أخرى، اجتهدت شيرين النقشبندي، مديرة الدار آنذاك، في جمع ما تستطيع للنهوض بها من جديد، واستعادت بعض القطع الثمينة التي تعبر عن تاريخ العراق بمساعدة المصمم الراحل آرا يسايان.

عملت النقشبندي في دار الأزياء العراقية منذ بداية تأسيسها عام 1978 وباشرت عملها في السكرتارية وتدرجت في الوظيفة حتى العام 2014 وتسلمت بعد 2009 منصب المدير العام بعد مغادرة فريال الكليدار المدير العام السابقة.

وقالت النقشبندي “هذه المؤسسة الثقافية عرضت تاريخ وادي الرافدين، وسردت حضارة ما بين النهرين التي تعد من أخصب الحضارات في العالم، والتي تميزت بثرائها بقصص وحكايات تعبر عن عظمة هذا الإنسان”. وعلى خلفية الموضوع تحدثت مسؤولة الإعلام مها الحديثي قائلة “استعادت الدار العراقية للأزياء نهضتها بجهد الخيرين من منتسبيها لتسافر عبر العالم وتنشر حب العراقيين للفن والثقافة، فكانت الدار ولا تزال تقدم نتاجات فنية تتحول إلى نفائس، وكل فكرة تعيش مخاضات ولادة عمل عظيم من تصميم وتنفيذ وتوثيق للحقب التاريخية بأزياء الملوك والملكات، من حمورابي إلى نبوخذ نصر والواسطيات وأزياء الحقب الإسلامية من العباءة والهاشميات وبدلات العروض الخاصة بالمهرجانات كمهرجان بابل”.

وعن الاهتمام والرعاية قالت الحديثي إن “وزير الثقافة والسياحة والآثار حسن ناظم، ووكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار والمدير العام للدار العراقية للأزياء بالوكالة عماد جاسم، أوليا رعاية خاصة بالدار من خلال التنسيق والانفتاح على المؤسسات الأخرى لتحفيز التكامل وتوفير بيئة للتعاون مع باقي المؤسسات لتعزيز أهمية الدور الثقافي والفني المعني بالجمال والأزياء التي تعد مرآة الشعوب وتعكس الروح الحضارية النابضة بالحياة”.

وسبق أن وصلت المشاركات الدولية للدار إلى 200 مشاركة في أنحاء العالم المختلفة، لكن في الوقت الحاضر تفتقر الدار للتخصيصات المالية الكافية لإقامة العروض الخارجية، وفي حال تلقي الدعوات لا تستطيع الدار المشاركة لعدم توفير غطاء مالي لتغطية كلف السفر من قبل الدولة المضيفة.

وعن اختيار التصاميم قالت الحديثي، “يتم اختيارها من كتب التاريخ، بخاصة تصاميم الواسطيات، ومن الحقب التاريخية لكل عصر وكل مرحلة، وتضاف إليها الأكسسوارات الملكية التي كان يتحلى بها ملوك تلك العصور، مثل تاج الملكة (شبعاد) وكلها مأخوذة من كتب التاريخ، ويضيف إليها المصمم من بنات أفكاره، ولهذا لدينا أقسام التشكيل والأكسسوارات الخاصة بتيجان الملوك والصولجانات، فضلاً عن الحلي المتنوعة الأخرى”.ر وكيل وزارة الثقافة والمدير العام للدار العراقية للأزياء عماد جاسم قال، “شرعنا منذ تسلمنا مهمات الدار في حل المشكلات الداخلية وتنظيم علائق وظيفية تضع في أولوياتها احترام التخصص وإقامة التعاون الحريص، ونعتقد أننا نجحنا في ذلك”.

وأضاف، “تلتها خطوة التوجه نحو البناء والترميم مع توفير البيئة المثالية من أجهزة التكييف والمصاعد والحمامات، وتجهيز قاعة المسرح والتمرين بالمستلزمات الضرورية، وبعدها نظمنا زيارات ولقاءات مثمرة مع جهات ممولة وداعمة وحصلنا على دعم مقبول من البنك المركزي ورابطة المصارف”.

وأوضح، “منذ ذلك الحين فتحت أبوابنا للمؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية لإقامة مهرجانات وأماسي تعرف بنشاطات الدار، وعلى الرغم من قلة الكادر في قسم العروض وغياب التخصيصات المالية كان الحل لتقديم عروضنا بواسطة التنسيق مع جامعات ومؤسسات وتنظيم جلسات تصوير في المناطق الفلكلورية والتاريخية”.

وأشار جاسم إلى تنظيم عروض في الأندية الاجتماعية تخص المكونات والحضارات التاريخية، “ ونجحت عروضنا في المناطق المنكوبة مثل الموصل وسامراء، وللإعلان عن الجمال المعماري للدار وتأكيد حضورها التاريخي البهي لا يمر شهر من دون أن يكون للدار مشاركة أو اثنتين على الأقل في مسرح الدار أو حديقتها التي تم تصميمها لإحياء أماس نوعية كسبت ود العائلة العراقية بغزارة وشغف”.

مصمم الأزياء سيف العبيدي يعقد مقارنة بين الفترتين، فيصف المرحلة الأولى بالفترة الذهبية ويقول، “كانت الدار في أوج زهوها تتمتع بتمويل خاص يشمل الإيفادات والسفر لشراء المواد الأساس ومكملاتها وتلبية الدعوات الخارجية بشكل متواصل، والآن يقتصر عملنا على حضور المشاركات المحلية والتبضع من الأسواق المحلية، ولا يخفى على أحد أن معظم أسواق بغداد فقيرة وبضاعتها رديئة”.

وأضاف العبيدي، “ الموازنة بسيطة جداً ولا تكفي لأبسط الأمور التي نعوزها داخل الدار، مثل تصليح المكائن أو شراء الأقمشة أو شراء المواد، لذا تظهر التصاميم بصورة سيئة”.

ويعزو العبيدي السبب إلى أن “البلاد توجهت بعيداً من الفن”.

فجوة كبيرة

ويرى العبيدي أن “مديري هذه الدار عادة ما يكونون بعيدين من التصميم والأزياء، ولهذا فهناك فجوة كبيرة بين الموظفين والإدارة، فمثلاً يتوقع المدير إنجاز قطعة معينة في أسبوع، بينما الوقت الذي تستغرقه في العمل المتواصل هو ستة أشهر، وبعمل يدوي يستلزم مراحل لصناعتها، إذ تحكي القطع تاريخ البلد وتتداخل فيها الطباعة والرسم والتطريز والتنزيل والتحفير وتمر بمراحل عدة وأيد كثيرة حتى تنجز”.

وأشار العبيدي إلى أنه “في السابق كانت الدار تشارك عادة في أسابيع الموضة بباريس وغيرها من البلدان الأوروبية، بينما تقتصر الدعوات اليوم على العروض المحلية من قبل جهات حكومية أو أهلية وفي مناسبات وطنية أو افتتاح مشاريع معينة، ولا أعتبر ذلك عرضاً للدار بل حشواً للبرامج، فعروض الدار لها نظام وصيغة وشكل وهيئة معينة خاصة بالمسرح والإضاءة ونوع جمهور الحضور لدار الأزياء، لكن حالياً أي جهة تود حشو المنهاج الاحتفالي الخاص بها توجه الدعوة إلى الدار لتقديم أحد عروضها، وسبب القبول هو الدعم المادي للعارضات والعارضين لتدنى أجورهم التي قد لا تتجاوز 400 ألف دينار عراقي (250 دولاراً).

ويرى العبيدي أن “الخطة الأنجح لاستعادة مكانة الدار هي استقطاب الكفاءات الفنية، فضلاً عن الدعم المادي للدار وأقسامها الفنية، وتغليب أصحاب الموهبة على الملاكات الإدارية، إذ يتخطى اليوم عدد الإداريين أربعة أضعاف عدد الفنيين”