جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

(طولوا بالكم شوي…) مقال بقلم  أسامة الرنتيسي

581

عالم السياحة:

(طولوا بالكم شوي…) مقال بقلم  أسامة الرنتيسي

هل تذكرون حكاية منطقة وادي النمل أو أم النمل بلواء الكورة في محافظة اربد…

منطقة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة غير موجودة في إيطاليا المصنفة الأولى على العالم من حيث جمال الطبيعة، لم نسمع عنها في الأردن إلا بعد أن استضافت هيئة تنشيط السياحة أكثر من شاب خليجي من المؤثرين في السوشيال ميديا قاموا بتصوير المنطقة وبث فيديوهات من هناك، فانقلب الحال، وتحولت المنطقة إلى محج سياحي غير مسبوق، ونتذكر يوم الجمعة عندما حصل الزحف الكبير من العاصمة عمان إلى أم النمل، وكيف كانت الأحوال هناك في ذلك اليوم.

طبعا؛ بعد ذلك (للأسف) إنطفأ بريق المنطقة ولم نعد نسمع عن رحلات سياحية، او تطوير للمنطقة حتى تبقى جاذبة للسياح، الأردنيين والعرب.

أسوق هذه المقدمة الطويلة كي نتحدث عن مؤتمر المؤثرين الذي يواصل أعماله في البحر الميت والذي أقيم بتنظيم من شركة أومنيس ميديا بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة الأردنية.

غير مفهوم حجم الغضب والسخط والانتقادات اللاذعة التي تعرض لها المؤتمر، ولا الهجوم غير المبرر على وزير السياحة وهيئة تنشيط السياحة التي أعلنت أنها “لم تنفق تعريفة على هذا المؤتمر…”، ولا على المشاركين من المؤثرين.

شخصيا؛ لست من نشطاء السوشيال ميديا، ولا أدعي أنني مؤثر، وأعرف جيدا تقويم حالة المؤثرين عموما، وأن المحتوى الذي يقدمونه بالمجمل يتم وصفه عند المثقفين وحتى العوام بأنه “سخيف وتافه”، لكن علينا أن نعترف أن العالم تغير، وأن السوشيال ميديا مهما كان (للأسف) محتواها هابط لكنها تقود العالم، رضينا بذلك أم لم نرضَ.

لهذا؛ وبكل تواضع أعتبر عقد المؤتمر في الأردن في البحر الميت تحديدا إنجازا كبيرا للسياحة الأردنية ستنعكس نتائجه قريبا.

يا إخوان، ويا رفاق : المؤثرون في الاردن، ومع كامل الاحترام لهم، لا يختلفون كثيرا عن ضيوف البحر الميت، يتم الاستعانة بهم من قبل الشركات والمؤسسات والمطاعم والمقاهي وغيرها من المحال التجارية كي يتم الترويج عن طريقهم، كما تستعين بهم جهات حكومية ورسمية.

أعرف مؤثرين، وللدقة مؤثرات، يدخلن  مطعما، يفتحن لايف مباشر لمدة دقيقة أو 30 ثانية، فقط تعلن إحداهن  أنها موجودة في المحل الفلاني وكم هو “لزيز وحلو” فيمتلئ  المحل بالجمهور من كل حدب وصوب.

على هذه الثواني القليلة يحصل المؤثر / ة  آلاف الدنانير تصل إلى عشرة آلاف وربما أكثر.

أعلم عن  مؤثرة روّجت لمحل يبيع العطور في مول أغلقت الطرقات المؤدية إليه من تزاحم الناس ، ولم يبق في المحل صنف ليباع، حتى اضطر صاحب المحل أن يطلب من المؤثرة إغلاق الإعلان ووقف اللايف.

تفلح هيئة تنشيط السياحة إن نجحت في تنظيم جولات سياحية للمؤثرين في المناطق السياحية الاردنية – البترا ووادي رم والعقبة – وحتى الرحلة التي نظمتها للمؤثرين إلى وسط البلد (قاع المدينة) والسهر يوم الخميس في مقهى ومطعم زجل فيها نوع من عراقة المكان وسحر الاجواء الشعبية.

لقد تأخرنا كثيرا في الوصول الى مصاف المستثمرين في السياحة، باعتبارها صناعة تدر دخلا كبيرا على البلاد، وقد سبقتنا دول لا تمتلك مقومات سياحية، وامنية مثلنا، ومواقع غير موجودة في العالم كالبحر الميت والبترا والمغطس، ومع هذا لا نزال ممرا للسياحة، برغم أننا نملك نحو 533 فنـــدقا، تشَغِّل نحو 15736 موظفا، ويبلغ عدد المطاعم السياحية 970 مطعما تشغل نحو 19450 موظفا. ويتشابك قطاع الفنادق وحده مع نحو 58 نشاطا اقتصاديا، وذلك لتزويده بمستلزمات الانتاج السلعية والخدمية اللازمة.

السياحة في هذه الأيام إبداع وابتكار، وهي عملية انتاج مترابطة، واستراتيجيات وخطط عمل متطورة، وهي تحويل المقومات الطبيعية وغيرها الى مردود اقتصادي مهم، وهي تنمية مستدامة وخلق فرص عمل، هي فعلا صناعة بامتياز.

الدايم الله….