جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : هذا تاريخ الجيش العربي المصطفوي في فلسطين .. فاصمتوا

624
عالم السياحة: مقالات
لربما ليس من المستغرب، بل هو وضع طبيعي، أن تعمل آلة الدعاية والتشويه والتزوير الصهيونية، على دق أسافين بين أبناء الأمة العربية، فهذا عهدها عبر كافة الحروب والمحن التي مرت بها في مواجهة هذه الأمة منذ تفجر القضية الفلسطينية ووجود الاحتلال الصهيوني البغيض لواحدة من أشرف بقاع الأرض، فما بالنا اليوم وهذا الجيش الذي يدعي أنه “لا يقهر”، قد تمرمغت سمعته العسكرية في وحل فلسطين الأبية، بيد رجالها الأشاوس الذي أذاقوه مر الذل في ليلة السابع من أكتوبر المجيدة.
حالة تخبط قل نظيرها في تاريخ هذا الاحتلال، وحالة ارتباك لم تعرفها إلا الجيوش المنكسرة المهزومة، وحالة غضب صبت جام قنابلها ونيرانها على الأمهات والأطفال، وعلى البيوت والمستشفيات والكنائس والمساجد، وحالة هيجان فقد معها قادة الاحتلال البوصلة، وذات الحال دب في تفاصيل المشهد الإعلامي الذي بات يحاول لملمة كل هذه الخيبات، فتفتق ذهن صانعيه عن أخبار كاذبة في محاولات يائسة بائسة لضرب وحدة هذه الأمة، وخصوصا “وحدة الدم” والمصير المشترك بين الأردن وفلسطين، فدخل ذاك الخبر كما حالة “التسلل” في ملعب كرة القدم، وفي أكذوبته يقول إن طائرات أميركية انطلقت من مطارات عسكرية أردنية تحمل أسلحة للكيان الصهيوني لمساعدته في حربه على غزة!
أي عاقل يمكن له أن يصدق مثل هذه الأكذوبة، وأي تجنٍ هذا على الجيش العربي الأردني، آخر قلاع الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن الأهل في فلسطين وغزة، فهل هناك من يصدق أن هذا الجيش الذي حطم في العام 1968، في معركة الكرامة الخالدة، أسطورة الجيش الذي لا يقهر، يمكن أن يكون جزءاً من مؤامرة على الأرض التي ارتوت بدماء شهدائه الأطهار، وعلى الشعب الذي قاد من أجله أشرف الحروب وأكثرها ضراوة في الوقت الذي تركوه مكشوف الظهر بعد أن كاد يصل الى تحرير القدس الشريف لا سيما في معركة اللطرون الخالدة، فهذه المعركة تحديداً استمرت من 15 ايار حتى 23 ايار 1948، وكانت مقدمة لتحرير القدس وإخراج القوات الصهيونية منها حيث خاض 1200 جندي أردني بقيادة الراحل البطل المشير حابس المجالي، معركة ضاريه دفاعاً عن القدس مقابل 6500 صهيوني، وتكبد الصهاينة الذين كان يقودهم حينها المجرم أرئيل شارون، خسائر كبيرة، ووقع شارون أسيراً بيد الجيش العربي الأردني بعد أن جرح في المعركة، وخرج من الأسر بعد تبديله بأسير عربي.
وغير معركة اللطرون، فقد خاض الجيش العربي الباسل، معارك تحكي روايات البطولات على أرض فلسطين، ومنها معركة باب الواد، معركة النوتردام، معركة تل الرادار، معركة رامات راحيل أو رامات كان، معركة كفار عصيون، معركة شعفاط، معركة جبل المشارف، معركة البرج، معركة جبل المكبر، معركة تل النبي صموئيل، معركة تل الشيخ عبد العزيز، معركة الملطع، معركة الجامعة العبرية، معركة بيت نبالا، معركة جبل الزيتون، معركة المصرارة، معارك البلدة القديمة وحارة اليهود، معركة بير معين، معركة القطمون، معركة مشيرم، معركة الشيخ جراح، معركة صرفند العمار، معركة نيفي يعقوب- مستوطنة النبي يعقوب، معركة مستوطنة غيشر، معركة يالو، معركة مستوطنة ريفاديم، معركة مستوطنة ماسووت إسحاق، معركة مستوطنة عين تسوريم، معركة عمواس، معارك رام الله، معركة وادي عربة، معركة طولكرم، معارك نابلس، وكل تلك المعارك سطر فيها جيشنا العربي الباسل أروع أمثلة البطولة والشرف، فهل هناك من يمكن أن ينسى صوت الشهيد الأردني الجندي البطل الملازم أول خضر شكري يعقوب درويش أثناء طلبه من قوة المدفعية الأردنية في حرب الكرامة ضرب موقعه الذي أصبح محاطا بدبابات قوات الاحتلال.
وقال الشهيد خضر خلال طلبه : ” الهدف .. إضرب موقعي .. أشهد أن لا إله الا الله … وأِشهد أن محمد رسول الله… ارمي ارمي”.”
بعد كل هذا، وغيره الكثير مما لا يتسع له مجرد مقال هنا، كيف يمكن لأيٍّ كان أن يشكك، أو يسمح لنفسه أساساً، أن يشكك بهذا الجيش العربي المصطفوي، وفي مواقفه البطولية المشرفة تجاه قضية فلسطين التي تعد أم القضايا في عقيدة جيشنا الأردني الباسل؟!
بفمٍ ملآن أقول، إن المصيبة ليست في الدعاية الصهيونية التي ما فتئت تحاول أن تنال من سمعة جيشنا البطل، بل في من يصدقها من أبناء جلدتنا، أو في من يحاول أن يتخذ من الدعاية الصهيونية الكاذية الملفقة، ذريعة حتى ينال من مواقف الأردن ومن قيادته وشعبه تجاه قضية فلسطين، ويحاول أن يغرس الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وأحسب، بل وأجزم، أن لا هدف لهؤلاء سوى ضرب وحدتنا، وتفكيك تلاحمنا والتفافنا حول فلسطين وحق شعبها في حلم الدولة وعاصمتها القدس بكل مقدساتها.
الآن، وفي هذا المنعرج التاريخي الذي تمر به القضية الفلسطينية، ووسط اليقين بأن المخطط الاستعماري الاحتلالي يتوسع ويتمدد أكثر من ذي قبل على حساب شعبنا العربي الأبي في غزة الصابرة المصابرة، فإن لا نصير للأهل، ولا عمقاً آمناً لهم سوى الأردن وجيشه العربي المصطفوي صاحب ذلك التاريخ المشرف على أرض فلسطين، وهو التاريخ الذي يقول لكل صاحب فكرٍ مسموم : هذا الجيش العربي المصطفوي .. فاصمت.