جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

تقرير اخباري لشركة البوتاس العربية- المطالب العمالية بين الحقوق والابتزاز

1٬205

عالم السياحة- تقرير اخباري-اعداد شركة البوتاس العربية-

بعض مطالب العاملين المادية وزيادات الرواتب في ظل الأوضاع السلبية التي تمر بها الشركات هي نوع من أنواع الابتزاز لا أكثر، وهو شكل من أشكال الانتحار الاقتصادي للشركات التي تحتضن هؤلاء العاملين المنضمين للنقابات المختلفه

وقال تقرير اعدته شركة البوتاس ما حققته بعض النقابات العمالية في السنوات القليلة الماضية، وتحديدا على إثر الحراكات الشعبية أو ما يعرف بالربيع العربي، كان غير مسبوق من حيث حصول أعضاء هيئاتها العامة والعاملين في الشركات الكبرى على امتيازات وعلاوات تفوق في بعض الأحيان قدرات الشركات ذاتها.

فمن يصدق أن شركة مناجم الفوسفات الأردنية التي من المتوقع أن تسجل هذا العام خسائر تراكمية تتجاوز 60 مليون دينار، وقعت تحت ضغط التهديد العمالي النقابي على اتفاقيات عمالية ستكلفها ما يزيد على 150

 مليون دينار , في الوقت ذاته، تعاني الشركة من عمالة تفوق احتياجاتها بأكثر من 50 بالمائة، ورغم ذلك فالشركة غير قادرة على التعامل مع مسألة إعادة هيكلة الموظفين لأسباب سياسية وأمنية ونقابية، إذ كانت تهدد دائما بالإضراب إذا ما تم تسريح أي عمال من الشركات.

       واشار التقرير الى انه من المضحك في الأمر أن في شركة الفوسفات على سبيل المثال لا الحصر، أكثر من 600 عامل تم تعيينهم على إثر الحراك وقت الربيع العربي، ويتقاضون رواتب وهم جالسين في منازلهم، لا بل إن كثير منهم يذهبون إلى مطاعم الشركة في المصانع ويتناولون غداء العمل ثم يرجعون إلى بيوتهم، وعندما حاولت إدارة الشركة التعامل معهم وإبلاغهم بضرورة الالتزام بالعمل والدوام في مرافق الشركة، قالوا إن تعيينهم “هو عبارة عن مكرمة ملكية، ولا يجوز أن يذهبوا للدوام”.

الأمر لا يختلف كثيرا لدى الشركات الأخرى، فهناك أكثر من 200 عامل في مصنع اسمنت الفحيص المغلق منذ أكثر من 3 سنوات يتقاضون رواتب وأجورا وحوافز سنوية وهم لا يعملون شيئا، لا بل إن نقابتهم في ضغط مباشر ومستمر على الشركة لتحسين أوضاعهم المالية، علما بأن نقيبهم هو أيضا موظف في المصنع بعقد مالي كبير جدا.

   واكد التقرير ان شركة البوتاس البوتاس التي تتربع على عرش أفضل الشركات التي تقدم حوافز وعلاوات لعامليها، ليس في الأردن فقط بل على مستوى الشركات الشبيهة لها في المنطقة وتحديدا في الخليج، فقد كلفتها الاتفاقيات العمالية الأخيرة أكثر من 120 مليون دينار، وها هي نقابة العاملين في المناجم والتعدين تطالب الشركة بزيادات وحوافز جديدة تكلف الشركة أكثر من 20 مليون دينار في العام، وإلا فالإضراب قادم لا محالة، وإذا ما أرادت الشركة التفاوض فيجب أن يكون بعيدا عن أعين ومراقبة الحكومة ممثلة بوزارة العمل.

كما أن شركة الاتصالات الأردنية “اورانج” دفعت أكثر من 70 مليون دينار لتسوية قضايا عمالية مختلفة على مدى السنوات الماضية، وشركات الكهرباء وقعت اتفاقيات عمالية كلفتها عشرات الملايين من الدنانير مقابل عدم لجوء العمال الى الاضراب

  واضاف التقرير  ان جميع الحالات السابقة تدلل على مدى قوة النقابات وتغولها في بعض الأحيان على إدارات الشركات، ولا يفهم من الأمر أن العمال حلقة ضعيفة في المعادلة، وأن مطالبهم في بعض الأحيان ليست عادلة، على العكس من واجب النقابات الدفاع عن العمال وحقوقهم وحمايتهم من تغول الادارات إن حصل ذلك، والسعي لتحسين أحوالهم المادية والمعيشية.

مع العلم أن إنتاجية العاملين في بعض الشركات الكبرى لا تتجاوز الربع بالمقارنة لدى مثيلاتها، ومع ذلك يحصل العمال على كامل الامتيازات والعلاوات بغض النظر عن الكفاءة والانتاجية، وهو ما يستدعي من النقابة من الناحية المنطقية أن تتحرك باتجاه تأهيل العمال لديها حسب الاختصاص والرقي بآدائهم، بدلا التركيز على الحوافز والتسهيلات، فالدور الأساسي للنقابات العمالية هو النهوض بمنتسبيها على كافة الاصعدة.

      وتساءل التقرير ان الأهم هو الذي يجب أن يطرح على النقابات والحكومة معا: هل من مصلحة الشركات مواصلة الضغوطات المادية على الشركات في ظل تراجع أعمالها وأنشطتها واستمرار الخسائر وهبوط الارباح في ظل تحديات الاسواق العالمية، وانتشار الركود وتباطؤ الطلب على السلع؟.

 فالجواب هنا هو  إن بعض مطالب العاملين المادية وزيادات الرواتب في ظل الأوضاع السلبية التي تمر بها الشركات هي نوع من أنواع الابتزاز لا أكثر، وهو شكل من أشكال الانتحار الاقتصادي للشركات التي تحتضن هؤلاء العاملين المنضمين للنقابات المختلفة، فالأصل أن تكون العلاقات تشاركية بين أرباب العمل والعاملين، والتشاركية ليس في وقت الربح فقط، وإنما أيضا وقت التراجع والركود والخسائر، ويكون ذلك بالوقوف إلى جانب الإدارة والتضحية في المطالب الكمالية والرفاهية المتبعة، وحماية الشركة من السقوط، لأن الضغط المتواصل على إدارات الشركات سيدخلها في نفق العجز المالي الذي لن تستطيع من خلاله حتى تلبية أدنى المطالب الاساسية للعمال ومنها الأجور والرواتب كما هو الحال في شركة اسمنت الابيض