جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

اللعبة انتهت…! ناهض حتر

1٬860

روسيا أبلغت إيران أن الولايات المتحدة، قررت الاستدارة بالكامل في الشأن السوري، لكن، والكلام لوزير الخارجية جون كيري: ” أميركا ليست دراجة، بل قاطرة ضخمة تجر مقطورات عديدة” استدارتها، إذاً، صعبة وشاقة ومتعرّجة. قطر تفهم الاستدارة تلك جيدا، وتدرك أنها خسرت الرهان.

ظنّ عزمي بشارة أنه يعرف سوريا، ظنّ أن مداخلاته المديدة على شاشة الجزيرة، يمكنها أن تؤلّف واقعا سورياً ملائما لربيع قطر. الذهاب حتى النهاية؛ ضربات سريعة مباغتة لدمشق، وتنهار أحجار الدومينو من جنوب لبنان إلى فلسطين إلى العراق إلى إيران، حينها يقرر التاريخ، في جدل الليبرالية وزيت الكاز، انتصار الوهّابية النهائي، وتغدو الدوحة، عاصمة العرب. هل تحتاج قَطر إلى عمق أرضي وسكاني وجيوش ؟ كلا. القوة، في العالم الافتراضي، أصبحت، أيضا، افتراضية، تحوّلها المليارات الفائضة إلى واقع: كلّ أرض العرب أرضه، وكل العرب يشاهدون ” الجزيرة” ويحصلون منها على أفكارهم وتعصباتهم وأسماء المرشحين المناسبين في الانتخابات. وما ضرورة الجيوش مع كل هذا الفائض من المهمّشين المهووسين المستعدين للموت من أجل حفنة دولارات .

هذه هي حفلة الجنون الكبرى التي رآها ” المفكر العربي”، ” المفكر القومي الديموقراطي التقدمي”: خصوصيت(نا ) تكمن في أن الدين، وحده، هو الدينامو الشغّال لقيام “الديموقراطية”، والوهابية هي الدينامو الممكن لتحريك فعالية الدين على مستوى جماهيري، الجماهير المفقرة الأمية المهانة الباحثة عن ملاذ، الوهابية هي الملاذ؛ من المحيط إلى الخليج، سوف تهيمن أيديولوجيا دينية واحدة، سوف تنسف هذه الهيمنة، القُطريّات ما عدا قَطر، وتذوّب الوطنيات في وطن وهابي واحد. المشكلة تكمن في الذين يصعب صهرهم، أما العقائد السياسية للمثقفين، علمانيين ويساريين الخ، فهي عوامل هامشية، وبالنسبة لأصحابها يمكن شراؤهم: كن يساريا ووهّابيا، قوميا ووهّابيا، علمانيا ووهابيا، وبطبيعة الحال، يمكنك أن تكون، بلا تعقيدات، ليبراليا ووهابيا. الوهابية، إذاً، مشروع “قومي ديموقراطي” تجتمع له وسائل مادية: البتروغاز، والقواعد الأميركية، والتحالف مع العثمانيين، والتواطؤ مع الإسرائيليين، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والسلفيين الجهاديين، والمثقفين والإعلاميين و” الجزيرة” وآكلي قلوب البشر.

عزمي بشارة لا يملك من علة الفلسفة الا ابسطها لكن ما هم ، فلم تعد تعد الممارسة الثقافية والكدح الفكري والضمير الحي، أي المثقفيّة كمنهج حياة، هي ما يصنع المفكرين، بل الفضائيات في زمن الثورة الوهابية الثانية التي وجدت في جيش أنصاف المثقفين المتعيّشين، أداة غير متوفرة في صفوفها ، وهكذا تم اصطفاء بشارة لسبب لا نعرفه، على كل حال النظام السوري هو الذي صنعه ومنحه المكانة اللازمة لكي يكون ” بول ولفوتز ” في مرحلتها القطرية

ليس ذلك غريبا، بل اعتيادي تماما؛ فصقور المحافظين الجدد، عاشقو التغيير الديموقراطي، بالوسائل الحربية، نحو اليمين والرجعية، كانوا، في معظمهم، يساريين، بل وتروتسكيين، انتقلوا من مفهوم الثورة الدائمة إلى مفهوم الحرب الدائمة، ومن تحقيق مصالح العمّال والفلاحين بالعنف الثوري، إلى استخدام الأخير من دون أي قيد أخلاقي، لتحقيق مصالح شركات النفط والغاز والسلاح، وفرض الأيديولوجيا اليمينية على شعوب الأرض!