جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

جزيرة ارواد ..موقع سياحي يزين الساحل السوري ( لؤلوة البحر)

2٬551


تتميز أرواد بموقع فريد بين شواطىء القطر العربي السوري كونها الجزيرة الوحيدة الآهلة بالسكان وأكبر الكتل الصخرية أمام الساحل ( جزر الحبيس – المشار أبو علي – المخروط – النمل )  تقع على خط طول 35 شرق غرينتش وخط عرض 34 شمال خط الاستواء , تمتد بطول 740 م  , تبلغ مساحتها حوالي 20 هكتار . بينما المساحة المأهولة 13.5 هكتار . وهي تشبه الكلية المحدبة من الغرب رأسها الضيق في الشمال على شكل مخروط غير منتظم أعلى ارتفاع فيها 14 م . والمنسوب العام ستة أمتار غالبية حوافها صخرية تعمل فيها عوامل الحت البحري . مما أكسبها ذلك منظر سياحي جميل , مرفأها مزدوج على الشاطئ الشمالي الشرقي , ويوجد في الشمال الغربي من الجزيرة صخرة جرداء تسمى بنت أرواد كانت فيما مضى متصلة بها وفصلت عنها بطريق الحت البحري أو الخسف يغمرها الماء أثناء ارتفاع الأمواج

التربة والنبات

جزيرة أرواد فقيرة بالنبات كونها صخرة طافية صغيرة قليلة المساحة تؤثر فيها الرياح البحرية مكتظة بالبيوت السكنية معدومة التربة تقريباً شديدة الملوحة قليلة المياه العذبة التي لاتكفي حاجة السكان للشرب . لذلك فهي لاتعير أي اهتمام للزراعة بالرغم من وجود بعض الشجيرات المعدودة في عدد من المنازل البعيدة عن البحر وسط الجزيرة وبعض غراس الزينة التي تزرع في الأواني وهذا يدل دلالة واضحة على اٍمكان زراعة أجزاء محدودة في المستقبل كحدائق وفي ساحات الأبنية مما يضفي جمالاً للجزيرة .

 

 طرق المواصلات

 

تتصل جزيرة أرواد بالعالم عن طريق البحر وترتبط بمدينة طرطوس بخط ملاحي منتظم عبارة عن قوارب تصل ميناء الجزيرة بمرفأ طرطوس القديم والمرفأ الروماني  ويبعد 5 كم , وقد أنشئ مؤخراً مرفأ صغير خاص بالمراكب يبعد 3 كم بعد أن كانت سقالة صغيرة أو في أكثر الأحيان كان ينقل الراكب الى الزورق بواسطة مقعد يحمله شخصان وتستغرق الرحلة بين 30 – 25  دقيقة بواسطة الزوارق العادية ويمكن اختصار المسافة باٍنشاء رصيف للزوارق الآلية والشراعية من المنطقة السياحية الساحلية جنوب طرطوس والتي تقع مقابل الجزيرة . أما في الجزيرة فيتم الانتقال على الأقدام وستبقى الوسيلة الوحيدة للمواصلات نظراً لصغر وضيق الممرات , اٍلا أن هذا لايمنع في المستقبل من استخدام دراجات سياحية لانتقال السائحين على الكورنيش عندما يتم تنفيذه في المستقبل حول الجزيرة . كما ويمكن اٍقامة مهبط صغير يخصص للطائرات / الهليوكوبتر / .

 

 حالة المباني

 

تضم أرواد عدد لابأس به من المباني القديمة والخربة مبنية بالحجر الرملي والسقف القرميدي أو العقدي وتزيد نسبتها عن 25%  – 20%   ويسعى أهلها نظراً لارتفاع الكثافة السكانية لترميمها واٍعادة بناء ماتهدم باستخدام البيتون لسهولة العمل وعدم توفير القرميد واليد العاملة اٍلاّ أنه يمكن توسيع بعض الممرات والمساحات وذلك عن طريق وضع مخطط تنظيمي وتنفيذ وهدم واٍزالة المباني المعترضة تدريجياً حسب الإمكانيات . 

المباني العامة

تحتوي أرواد عدد من المباني العامة وتتلخص في مبنى البلدية خفر السواحل – مدرستين – مسجد – مسجد ملحق بالقلعة المركزية مسجد صغير ( زاوية ) – محطة كهربائية – خزان مياه للشرب – مستوصف حديث – مبنى خاص بالهواتف .

 المياه

بما أن الماء هو أصل الحياة وقصة الحضارة وقصة الصراع الطويل والتحدي القائم بين الانسان والطبيعة , ولما كانت أرواد خالية من الينابيع وتعتمد على جمع مياه الأمطار بالصهاريج المحفورة بالصخر وهي غير كافية لحاجة السكان فلقد أبدع الأرواديون في التغلب على هذه المشكلة وأظهروا براعة فائقة عندما اكتشفوا فوارات من المياه العذبة في قاع البحر على الطريق بين الجزيرة و اليابسة بعمق 10 –7 مفاستخدموها وأخذوا ماءها بواسطة جرس من الرصاص ( مقلوب ) ينكس على النبع ويتصل بأنبوب نحاسي أو جلدي أو فخاري يصل الى سطح الماء أو الجزيرة حيث يصب في حوض مخصص لذلك . وهذا مايسمى بالقمع المقلوب وهي أقدم طريقة لاستخراج الماء من البحر كما أن العامة يحدثون بأن الماء العذب كان يأتي الجزيرة بواسطة أنابيب فخارية آثارها مبعثرة في البحر بين أرواد وعمريت كما أنهم يلجؤون الى جلب المياه من طرطوس وقد عمدت السلطات في الخمسينات عام 1952 الى حفر بئر ارتوازي لتأمين حاجة الشرب حتى عمق 25 م , وقد نال شهرة كبيرة وصدرت مياهه لكونها معدنية وقيل في فوائدها الكثير اٍلا أنها سرعان مانضبت . حفر بئر ثان وبني خزان مرتفع وحلت المشكلة مؤقتاً في توزيع المياه الى المنازل والآن استكملت الدراسات لجلب مياه الشرب الى طرطوس وأرواد من نهر السن ونفذ المشروع عام 1993  . 

 

 

  أقدمية السكن

كانت الجزيرة مسكونة منذ زمن قديم لكن استمرارية هذا السكن لم يسمح باٍيجاد اٍثباتات عن هذا الماضي البعيد كونها صغيرة وأرضها صخرية وبدون طبقات مرصوفة وملحوظة فوق بعضها وصعوبة التنقيب فيها , بينما على اليابسة الاحتلال الانساني مثبت منذ العهد الحجري الحديث ( النيوليتيك ) ونرى الأدوات الحجرية في مواقع متعددة حيث نجد الكثير من التلال الأثرية الاصطناعية التي ولدت من تراكم السكان فوق بعضهم خلال آلاف السنين الطويلة . وأجريت في بعضها حفريات نظامية وقدمت أوان فخارية تدل على ازدهار هذه المنطقة بينما تركت مجموعات سكانية آثاراً حجرية ضخمة ترجع الى المنيروليتيك .

 

 أصل التسمية

أرادوس – أرفاد – أرواد – أراد وتعني بالفينيقية الملجأ اٍلا أنه يوجد عدة أماكن في التاريخ تحمل هذه التسمية ففي كتاب MARCIEND HERACLEE  نرى أرادوس على ساحل فلسطين بين الكرمل ودوروس ونجد أرادوس أخرى على الساحل الافريقي كما يذكر الجغرافي رافيني والمؤلف ARADITANUS  في وثائق المسيحية الأفريقية وأن بلليني يذكر أن أرادوس في جنوب كريت وأثناء وصفه الخليج العربي يقول ( وقبالة مدينة الجرهاء جزيرة تيلوس وهذه الجزيرة بعيدة بأميال عن الساحل وتشتهر باللؤلؤ وفي الجزيرة مدينة تحمل الاسم نفسه وعلى مقربة منها جزيرة أخرى باسم أرادوس ) .

ويذكر استرابون اسم جزيرة أرادوس في الخليج العربي ويقول اٍن : فيها معابد تشبه معابد الفينيقيين وكذلك بطليموس يذكرها بصفتها أرادوس – أراثوس وهي جزيرة عراد أو أراد على مايذهب اليه بعض الباحثين وعلى كل فاٍن أرادوس الساحل الفلسطيني تخص فينيقيا بينما البقية عبارة عن أماكن يتردد اليها الملاحون الفينيقيون بحكم عملهم البحري والتجاري واٍنشاء المستعمرات أما أرادوس الخليج العربي توضح وتبين أصل الأرواديين

 

نشوء أرواد الأسطوري

على الساحل السوري حيث الأمواج تتلاطم على الصخور التي خلدت حضارات وأجيالاً لاتزال تنطق بعظمتها وفنها تشد المرء جزيرة تشم فيها أريج الماضي , تستحم في البحر تحت أشعة الشمس تداعبها أمواج البحر وتعانقها نسماته العليلة برذاذ أمواجها المتكسرة عازفة أجمل الأنغام ففي أمسياتها الرطيبة ولياليها المقمرة حيث ينعكس ضوء القمر على سطح البحر كحبيبات لؤلؤية يلوح في الأفق أنوار صيادي الأسماك فتزيد المنظر روعة وجمالاً ويحلو السهر وتسطع الشمس من جديد لتكشف بأشعتها تاريخ درة عريقة في القدم , وتغوص تحت الماء لتنير معالم حضارة نمت وازدهرت , وتعيد الى المخيلة تلك العصور السالفة التي تركت شاهداّ في صفحات التاريخ وتجليه بوضوح جزيرة أرواد وتحدثنا عن نشوئها أسطورتان :

أولاهما أن شاباً ركب البحر في طلب الرزق ومرت الأيام فلم يرجع فقلقت عليه خطيبته الحسناء وطفقت تسأل عنه في لهفة كل عائد ورائح حتى التقت برفيق له فأنبأها أنه ذهب ضحية جنيات البحر فقد أحطن ذات يوم بمركبه وأخذن يتجاذبنه حتى غرق ولكن الفتاة المسكينة لم تصدق وأخذت تبتهل للآلهة أن تعيد اليها حبيبها , ومضت الأيام وهي تندب حظها وتنشد أغاني الحنين وتنتظر الغائب الذي لايعود , وكان الصياد الشاب أسيراً لدى عرائس البحر الماجنات فسمعت ملكتهم بحزن الخطيبة المسكينة ولهفتها فرثت لحالها وبعثت لها مع طير الماء رسالة تقول لها أن غائبها سيعود اليها قريباً ثم طلبت الملكة الى اٍله البحر أن يصنع للخطيبين مكاناً يلجآن اليه في أمن من حادث الزمن  , فصنع لهما الإله الرحيم جزيرة ليس في غير بلاد الأحلام منها ومن موقعها . وهكذا وجدت أرواد على مقربة من الشاطىء السوري الجميل . 

أما الأسطورة الفينيقية تحدثنا بأن أرواد كانت ابنة شرعية لبعل اٍله البر وكان هنالك يم اٍله البحر والصراع قائم بين الإلهين , وأعجبت أرواد ب ( يم ) فهربت اليه وارتمت في أحضانه مؤثرة البقاء عنده ومازال أبوها يناديها اليه حتى النهاية ولن تجيب